عرش بلقيس معبد بران في مارب
اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية  اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

عرش بلقيس معبد بران في مارب

 

معبد المقه عرش بلقيس مملكة سبأ


موقع معبد بران عرش بلقيس


يعرف معبد بران عند اليمنيين بإسم عرش بلقيس ولكن التنقيبات الأثرية اكتشفت إسمه الحقيقي وهو معبد بران
  يقع المعبد وسط حقول الجنة اليسرى على بعد حوالي كيلو متر إلى الغرب من معبد أوام  في مكان يسمى العمايد  إلى الجنوب الغربي من مدينة مأرب القديمة  وعلى بعد نحو 3 كم منها  شيد المعبد على هضبة طبيعية تسمي هضبة مسكت وتحديداً في المكان الأكثر قداسة على هذه الهضبة والمسمى بران و بران هو الاسم السبئي القديم لقسم الجنة اليسرى في أرض مارب
و يذكر علماء الآثار ان عددا من النقوش المكتشفة في المعبد ، التي تعود إلى فترة ما بعد العصر السبئي القديم لم تكن موجهة إلى المقه رب بران ( ال م ق ه / ب ع ل / ب رء ن )  وإن الإله كان يخاطب – إلا في بعض الحالات القليلة - باسم " رب مسكت الذي يقطن في بران " ( ب ع ل / م س ك ت و - ي ث و / ب ر ء ن )


  تاريخ استكشاف معبد بران عرش بلقيس والتنقيب الأثري


يعد الرحالة الفرنسي توماس ارنود  اول مستكشف أوروبي يزور هذا المعبد في عام 1853 م  وتعرف على اسمه من خلال نقشين قريبين منه   وكان النمساوي إدوارد جلازر أول من نسخ نقشاً سبئياً حفر على أحد أعمدة المعبد في العهد السبئي الوسيط  يتحدث عن المعبود السبئي ( إلمقه ) رب المعبد ( برأن )  ويحذر فيه كل من يحاول نهب كنوز المعبد الفضيه  كما زاره العالم المصري أحمد فخري عام 1947 م  ونسخ العديد من النقوش المتناثرة على سطح الموقع الذي عرف بالعمائد
وفي عامي 1951 م - 1952 م أمر الإمام أحمد بالبحث والتنقيب عن الكنوز في المعبد  وفي الفترة الواقعة بين الأعوام 1988 م و 1997 م ، خضع المعبد لعمليات تنقيب أثري من قبل المعهد الألماني للآثار بصنعاء  أثمرت عن الكشف الكامل عن تفاصيل هذا المعبد  ووثقت أربع مراحل تاريخية مرت بها عمارته  تلت ذلك أربعة مواسم أخرى ( 1997م- 2000 م) قام المعهد الألماني خلالها بأعمال تثبيت معالم المعبد وترسيمها  وأصبح مهيأ لاستقبال الزوار عام 2000 م
ولقد أكدت الأعمال الأثرية أن معبد بران يعد من أهم المعابد الموجودة في العاصمة السبئية القديمة  مارب و يؤرخ تشييده بالقرن العاشر قبل الميلاد على أقل التقديرات  أي بما يوافق تقربيا عهد ملكة سبأ  رغم أن البحث لا يستبعد تأريخ أقدم من ذلك  ومن الناحية النمطية  يصنف معبد برآن : ضمن المعابد ذات الفناء المكشوف Courtyard Temples والبوابات الضخمة التي تتقدمها ظلة مسقوفة  كما يدخل ضمن ما يعرف ب hypostyle اي المساحات التي ترتكز على الأعمدة


تخطيط  والمكونات المعمارية لمعبد بران عرش بلقيس

المعبد عبارة عن مجمع معماري ضخم مساحته 62 م × 75 م تقريباً  يضم العديد من الوحدات المعمارية المختلفة ( معبد - فناء أمامي - مبان فرعية أضيفت في فترة لا حقة مثل السور الكبير المبني من الطوب ، والمنشآت التابعة وقناة الري ) تشير الدلائل الأثرية والفحص المعماري للمعبد إلى أنه ظل مستخدما لفترة زمنية طويلة تقدر بحوالي 1500 عام  مر خلالها بالعديد من التعديلات  والإضافات المعمارية المختلفة حيث تطور المعبد من معبد بسيط إلى مجمع شامل يضم مرافق العبادة وورش العمل ، ومطبخ ومرافق صغيرة لأغراض الأعمال الاقتصادية

والمعبد ذو المنصة Platform ( المصطبة ) هو مركز المجمع  وقد تعرض لأربع مراحل معمارية رئيسة الواحدة فوق الأخرى وعبر تاريخه الطويل تعرض المعبد لتعديلات جذرية ، وهي على النحو التالي :

المعبد المبكر  : لاتزال المعلومات عن المعبد الأصل الذي شيد في هذه المرحلة قليلة جدا  ولا يمكن التعرف على مخططه  ولا على الطقوس التي كانت تقام فيه  ولا حتى على الإله الذي كان يتعبد له فيه ولا فترة تشييده  وكل ما يعرف عنه أنه شيد باحجار بركانية

المعبد الثاني : وقد أقيم هذا المعبد على انقاض المعبد الأول : و شيد كالمعبد السابق من حجارة بركانية بقيت قائمة في حدود 3 م  وكان المبنى مستطيل الشكل  وله ساحة متوسطة ومحاطة بصف من الغرف الصغيرة عددها خمس في الطرف الشرقي ، ورواقين في الشمال والجنوب ، ويوجد بيت الصلاة في الوسط  وتحت أرضية المعبد الحالي كانت أحدى تلك الغرف مملطة بالطين  وقد تم توثيق بقايا رسم هندسي ملون بالأصفر والأحمر  ويبدو أن المعبد قد زين بزخارف هندسية معمارية نحتت على أحجار كلسية أعيد استخدامها بما في ذلك الأفاريز  ومن خلال الكسر الفخارية التي عثر عليها يرجح أن المبنى شيد في مطلع الألف الأول قبل الميلاد  وأنه ظل قائما حتى الربع الأخير من القرن التاسع قبل الميلاد وقد تم الكشف عن اساسات هذا المعبد في الجزء الشرقي من منصة المعبد رقم 4

المعبد الثالث : شيد هذا المعبد في حوالي القرن الثامن أو السابع قبل الميلاد حيث جرت في هذه الفترة تغييرات جذرية على المعبد  تمثلت ببناء جدار المنصة الكبير بأحجار ضخمة من البلق الموقصة وذلك على أنقاض المعبدين السابقين الأول والثاني كما تم حشو المنصة بتراب رسوبي ناعم وأقيمت في الوسط غرفة للعبادة تحيط بها أرضية مبلطة بحجارة من البلق ويمتاز هذا المعبد بأنه عبارة عن منشأة ضخمة مكون من عدة غرف ربما كان بها أعمدة أو صف من الغرف بطوابق عديدة

المعبد الرابع - الحالي : وهو الأكثر حداثة  وأمكن التنقيب فيه على نحو شامل  ويؤرخ تشييد هذا المعبد بحوالي أواخر القرن السادس قبل الميلاد أو بداية القرن الخامس قبل الميلاد شيد على أنقاض المعابد السابقة وتمثل هذه المرحلة إعادة تكوين كاملة للمعبد ، وتوسيعا لبناه المختلفة  فقد شيد المعبد على أساس واسع ، أبعاده 19.5 × 27.5 × 4 م ، وتمت توسعته بإضافة فناء فسيح على هيئة ساحة عامة للاحتفالات الدينية الخاصة بالمعبود السبئي المقه  وأصبح يشبه قصر شبوة و معبد تمنع ويقدر ارتفاع هذا المعبد بحوالي 15 متر ويتألف من ساحة معبدة و بيت الصلاة في الوسط وأروقة معمدة من الجهات الشمالية والغربية والجنوبية  ويشبه من حيث الارتفاع والتكوين معبد المقه الكبير في يحا باثيوبيا


مكونات  معبد بران عرش بلقيس

 

  أولاً : الساحة الامامية  يقدر تأريخ اضافة الساحة الأمامية في معبد برأن بحوالي أواخر القرنين السادس وبداية الخامس قبل الميلاد وقد أحيطت الساحه بسور من الأحجار الجيرية المهندمة بعناية فائقة  وبلغ ارتفاع الأجزاء الباقية منه حوالي 1 م  وقد اشتمل السور على العديد من النقوش النذرية أو الإدارية  تبلغ مساحة الساحة المكشوفة 36.5 م من الشمال إلى الجنوب وعرض 5 .31 م من الشرق إلى الغرب وقد استخدمت في بناء الساحة والسور المحيط بها عناصر معمارية من المراحل السابقة المؤرخة إلى القرن التاسع قبل الميلاد

ثانياً : الأروقة الجانبيه  أحيطت الساحة الأمامية المكشوفة للمعبد بثلاثة أروقة معمدة  في كل رواق صف من الأعمدة ارتفاع كل عمود 4 م ، وكل عمود منحوت من حجر واحد  ترتكز هذه الأعمدة على قواعد ولا يزال أحد الأعمدة موجودا في مكانه الأصلي في الزاوية الجنوبية الشرقية  عرض كل رواق 2.5 م  وكانت هذه الأروقة مخصصة لوضع القرابين المختلفة  وربما كانت تستخدم للجلوس أثناء أداء الشعائر و الطقوس المختلفة داخل المعبد  وجهزت هذه الأروقة بمقاعد من المرمر و بنقوش منحوتة نحتا بارزا من المرمر على هيئة رؤوس وعول وغزلان جاثية ( رابضه ) على ركبها ويتضمن وسط كل لوحة نقشاً إهدائيا  تحدثت هذه النقوش عن تكرم بعض المانحين بتمويل أجزاء من البناء أو تكريس العديد من الإهداءات للإله المقه  وقد عثر على ثلاث منحوتات من البلق مزخرفة لا تزال في أماكنها الأصلية ، يبلغ طول أكبرها 3 م ، ولا يزال جزء كبير منها واقعاً تحت جدار ضخم في الزاوية الجنوبية الغربية للساحة  كما تم توثيق بقايا ألوان حمراء معدنية صفراء وزرقاء على جدران الأروقة مما يوحي أن المعبد كان يكتسي بحلة ملونة بهية ، ويرجح أن الرواق الغربي كان مخصصا لاستقبال القرابين مثل الموائد  وفي الزاوية الجنوبية الغربية نقشت أسماء المعبودات السيئية بشكل كثيف مثل : هوبس وعثتر مما يدل على انهما كانا يقدسان في معبد بر آن  كما يرجح أن طقوس التضحية كانت تتم داخل الساحة فقد عثر على امتداد الجدران الخلفية للأروقة على مصاطب من البلق ، تحوي بداخلها عظام غنم وماعز كان يضحي بها داخل المعبد وكانت أرضية الساحة مبلطة بشكل كامل ببلاطات حجرية كلسية  ومن خلال المجسات الاختبارية التي أجريت في أماكن مختلفة من أرضية الساحة  تبين وجود طبقات ثقافية حوت مظاهر معمارية مختلفة أبرزها وجود منصات  صغيرة من الطين  ارتفاع كل واحدة منها 2 م  كما عثر على مواد عظمية ، وفخاريات ، وكمية من الرماد ، وفي القاع عثر على جزء من قناة ماء مبلطة ، وتؤرخ هذه الطبقات الثقاقية ببداية الألف الأول قبل الميلاد ويرجح أن لها علاقة بعملية إنشاء المعبد رقم 1 والمعبد رقم 2 في الجهة الشرقية  ويتشابه معبد برأن من حيث نظام الأروقة الجانبية المسقوفة والمعمدة والمحيطة بفناء مركزي مكشوف مع تخطيط معبد المقه الكبير بيحا ، كما يشابه من حيث ارتفاع المنصة معبد بعل جبري الكبير القريب من معبد يحا الإثيوبي وتعد الأروقة والساحات المكشوفة من الظواهر المعمارية المبكرة والأصيلة في معابد الشرق القديم وخاصة المعابد المصرية ( الكرنك ) يرجح أن هذه الوحدات المعمارية كانت تفصل بين الفراغ الخارجي للمعبد وبين قدس الأقداس ولم تكن مخصصة للعبادة وعلى جدرانها الخارجية سجلت العديد من النقوش التي وثقت لأحداث مختلفة وبالنسبة للألوان التي تم العثور على بقاياها في أروقة معبد برأن فهي أيضا من الظواهر التي تم رصدها في المعابد الحضرمية  كما في معبدي سين ذي ميفعان ومعبد حضران  التي توحي بوجود زخارف أو تصاوير جدارية ملونة  وفي معيد ريبون تبين أن جدرانه الداخلية كانت مزينة برسوم جدارية ملونة
أن ظاهرة الزخارف الجدارية الملونة التي تعطي بعض جدران المعابد تعد من الظواهر الشائعة في معابد الشرقي القديم  وخاصة المعابد المصرية القديمة حيث كانت أسقف الأروقة مطلية باللون الأزرق ومزخرفة بالنجوم للتعبير عن السماء  ومن المعابد العراقية التي زينت من الداخل بالألوان معبد العقير  الواقع على بعد 60 كم إلى الجنوب من بغداد حيث غطيت واجهاته الداخلية بطبقة من البياض ونقلت على هذه الطبقة زخارف ملونة

ثالثاً - المداخل المؤديه إلى الساحة  يفتح المدخل الرئيس للمعبد في الواجهة الغربية من جدار الساحة  كما يوجد بابان فرعيان من الشمال والجنوب  وقد غطيت أعتاب الأبواب الثلاثة بدرج في مطلع القرن الأول الميلادي 

كتبه :رياض الفرح
المراجع  :
-المعابد ووظيفتها الدينية في سبأ
سامي الشهاب رسالة دكتوراه 2016
- عرش بلقيس معبد المقه بران في مارب
بوركهارد فوجت واخرون 2000


مأرب عاصمة بلقيس ملكة سبأ


عرش بلقيس ويكيبيديا

معبد المقه اوعال صرواح مملكة سبأ


عن الكاتب

رياض الفرح

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية