اليمني والغربة في قصيدة الباله التاريخيه للدكتور مطهر الإرياني
قصيدة الباله التاريخية للدكتور مطهر الإرياني رحمه الله القصيدة الأروع تصويراً لمعاناة المواطن اليمني منذ القدم وحكايته مع الهجرة والاغتراب عن أرض الوطن والبعد عن الاهل والارض بحثاً عن الرزق الحلال، وما يلاقيه في أرض المهجر من معاناة متنقلاً من عمل إلى اخر من البر إلى البحر قصيدة تحاكي واقع المجتمع اليمني قديماً وحديثاً، يتذكر فيها شوقه لارضه الزراعية التي تفوح منها رائحة البن اليمني، ويتذكر ليالي الصباء وبعده عن الأهل في ليالي العيد، يختمها الشاعر بحنين المغترب لعودته لأرضه وأهله داعياً الله ان لا يهينه في بلاد الغربه، حيث يقول في نهايتها
غنيت في غربتي ( يالله لا هنتنا)
ومزق الشوق روحي في لهيب الضنى
راجع انا يا بلادي يا ديار الهناء
يا جنتي يا ملاذي يا أمي الغالية
قصيدة البالة التاريخية للدكتور مطهر الإرياني
الليلة البال ما للنسمة السارية
هبت من الشرق فيها نفحة الكاذية
فيها شذى البن فيها الهمسة الحانية
عن ذكريات الصبا في أرضنا الغاليه
والليلة العيد وأنا من بلادي بعيد
ما في فؤادي لطوفان الأسى من مزيد
قلبي بوادي «بنا» و«أبين» ووادي «زبيد»
هايم وجسمي اسير الغربة القاسيه
خرجت أنا من بلادي في زمان الفنا
أيام ما موسم الطاعون قالوا دنا
وماتوا أهلي ومن حظ النكد عشت أنا
عشت أزرع الأرض واحصد روحي الذاويه
ذكرت أخي كان تاجر أينما جا فرش
جو عسكر الجن شلوا ما معه من بقش
بكر غبش: أين رايح: قال: أرض الحبش
وسار .... واليوم قالوا حالته ناهيه
بكرت مثله مهاجر والظفر في البكر
وكان زادي مع اللقمة ريالين حجر
وابحرت في ساعية تحمل جلود البقر
والبن للتاجر المحظوظ والطاغيه
بحثت عن شغل في الدكة وداخل «عصب»
وفي الطرق والمباني ما وجدت الطلب
شكيت لاخواني البلوى وطول التعب
فقالوا: البحر، قلت: البحر واساعيه
وعشت في البحر عامل خمسة عشر سنة
في مركب ( اجريكي ) اعور حازق الكبتنة
وسود الفحم جلدي مثلما المدخنة
وطفت كم يا بلاود أرضها قاصيه
مثل الطيور القواطع طفت كل الجزر
غويت لي ما غويت لوما كرهت السفر
واخترت (بر الدناكل) متَّجر بالحصر
من حي لاحي يا مركب بلا ساريه
غريب في الشاطئ الغربي بجسمه نزل
والروح في الشاطئ الشرقي وقلبه رحل
يا ليت والبحر الاحمر ضاق والا وصل
جسور تمتد عبر الضفة الثانيه
من كان مثلي غريب الدار ما له مقر
فما عليه إن بكى وأبكى الشجر والحجر
أبكي لك أبكي وصب الدمع مثل المطر
ومن دم القلب خلِّي دمعتك جاريه
غنيت في غربتي «يا الله لا هنتنا»
ومزق الشوق روحي في لهيب الضنى
راجع أنا يا بلادي يا ديار الهنا
ياجنتي يا ملاذي يا أمي الغاليه ..
رياض الفرح
رياض الفرح