اليمن موطن البن عبر التاريخ
اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية  اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

اليمن موطن البن عبر التاريخ

 

Moca coffee



Mocha Coffee البن اليمني



• ذاع صيت اليمن قديماً منذ آلاف السنين بأنها موطن قديم للعديد من المنتجات الزراعية سواء كانت فاكهة أو خضروات أو غيرهم من منتجات الزراعة بشكلاً عام و من هذه المنتجات الكثيرة هو البُن و البن في اليمن تاريخه طويل تعود جذوره إلى ما قبل القرن الرابع الميلادي في عهد الحميريين اليمنيين القدماء و يرجح الكثير من الباحثين بأن اليمن هي أصل موطن البن القهوة في العالم و منها إنتقل إلى إفريقيا في الحبشة إثيوبيا و كينيا و أوروبا و أمريكا و الهند و الصين و فارس و تركيا و مصر و بقية قارات و مناطق العالم حيث يزرع اليوم في ستين بلداً فيما تراجعت زراعته و تجارته في اليمن الذي إشتهر فيه البن بإسم Mocka Coffee أو Aden Coffee كلمة ( القهوة ) كانت تطلق على الخمرة قيل سميت بذلك لأنها تقهي شاربها عن الطعام أي تشبعه أو تذهب بشهوته إن إشتقاق القهوة من الإقهاء و هو الإجتواء أي الكراهة أو من الإقهاء بمعنى الإقعاد من أقهى الرجل عن الشيء أي قعد عنه و كرهه و منه سُمِّيَت الخمرةُ قهوةً لأنه تُقهِي أي تُكْرِه الطعام أو تُقْعِدْ عنه أما القهوة التي نشربها فهي من نقيع البن و قد أكتشف في حضارة أم النار العربية في دولة الإمارات اليوم بجنوب شرق الجزيرة العربية على أواني فخارية و وجد بداخلها على حبوب البُن القهوة بصوره سليمه و قدر عمرها منذ الألف الرابع - الثالث ق.م 4000 - 3000 سنة مضت ما قبل الميلاد و هذه دلائل تثبت قطعاً بأن منبع البن أو القهوة هو من اليمن التاريخي الطبيعي الكبير و هي التي إنتقلت من اليمن إلى إثيوبيا و ليس العكس عن طريق الهجرات اليمنية العربية الشهيرة منذ آلاف السنين .


البن اليمني القهوة العربية 


• و فيما يعود أول ذكر لمحصول القهوة بإسم ( البُن اليمني ) إلى الطبيب العربي إبن الرازي في عام 900 ميلادي .


• و الحقيقة هناك من يرى أن موطن البن هو اليمن و ليس الحبشة و منهم الرحالة الفرنسي جان دي لاروك الذي وصل إلى اليمن سنة 1121هـ / 1709م في كتابة ( أول رحلة فرنسية إلى العربية السعيدة 1708 – 1710م و 1711 – 1713م ) و قال : " إقتناع عرب اليمن لا بل أهل المشرق جميعاً بأن شجرة القهوة لا تنمو في أي أرض من العالم إلا في أرضهم " و يورد ذي لاروك تقريراً للأب اليسوعي البرتغالي تليز في سنة 1115هـ / 1704م يبرر هذا الرأي فيقول : " إن صحّ التقدير بأن سكان الحبشة أتوا من بلاد العرب منذ أقدم الأزمان فمن المحتمل أنهم أدخلوا معهم إليها شجرة القهوة " .


• و تؤكد أول دراسة أكاديمية يمنية عن البُن للباحثة أروى أحمد عبدالله الخطابي بعنوان ( تجارة البن اليمني ( ق11هـ - 13هـ/ 17م – 19م ) أن موطن البن الأصلي هو اليمن .


• و يؤكد السيد أحمد أفندي الرشيدي في كتابه عمدة المحتاج في علمي الأدوية و العلاج ، دار الطباعة الخديوية ببولاق – القاهرة ، 1282هـ ، ج 2 ، صـ 342 . و جمال الدين القاسمي الدمشقي ( رسالة في الشاي و القهوة و الدخان ) طبع ببيروت 1322هـ أنه " من المحقق عند الأوروبيين أنه كان مستعملاً ببلاد فارس سنة 261هـ / 875م " و هو ما يثبت أن العرب بحكم سيطرتهم على بلاد فارس حتى حدود الصين قد نقلوا بعضاً من أشجارهم و منهم اليمانيون الذين نقلوا شجرة البن إلى هذه البلدان التي إستوطنوها و إستقروا بها .

________________________________________


• و تزرع شجرة البن في اليمن في المدرجات الجبلية المرتفعات العالية و خصوصاً في محافظات تعز و إب و الضالع و لحج و أبين و صنعاء و المحويت و حجة و صعدة و الحديدة و عمران و ريمة و ذمار و في جنوب جبال السعودية التي هي في الأصل إمتداد طبيعي و تاريخي لأرض اليمن في المدرجات الجبلية و في بطون الأودية في الطائف و الباحة و عسير و جيزان و نجران .


• و تؤكد دائرة المعارف البريطانية طبعة 1987م أن إسم القهوة بالإنجليزية ” coffee ” مشتق من الأصل العربي ” قهوة ” ( qahwah ) و في قاموس الغذاء : يكاد يكون من المؤكد أن أصل البُن من اليمن – و بالتحديد من بلدة موكا “ mucha ” موخا = المخا – ثم إنتقل شرب القهوة إلى الحبشة و إلى بلاد فارس لا حقاً .


• حتى عام 1616م كانت القهوة حكراً على اليمن و كان يُمنع على التجار بيع نباتها أو بذورها لكن تغير الحال حين أقدم تاجر هولندي على سرقة البذور و أصطحبها معه إلى هولندا و بعد 40 عاماً إنتشرت القهوة في أماكن عديدة من العالم .


• و تجمعت في القرن الخامس عشر على ساحل منطقة تدعى المخا أو ( " مختن " كما جاء ذكرها في النقوش الحميرية اليمنية القديمة ) بضع أكواخ من القش و القصب بجوار كوخ شيخ صوفي يدعى الشيخ أبو الحسن علي بن عمر الشاذلي ( ت . 1416 م ) و الذي يقال إنه من أدخل البن إلى المخا ليحفز هذا المشروب طلابه على الذكر و الدراسة و في هذا السياق ينسب إلى صوفية اليمن إبتكار شراب البن عبرتجفيف ثماره ثم تحميصها و من المغرمين بالقهوة و المتغزلين بها في أشعارهم الشيخ عبدالهادي السودي ( ت . 932 م ) و القهوة حاضرة في الحضرات و الموالد الصوفية في اليمن حتى اليوم كتلك التي تقام في كل من تعز و زبيد و حضرموت و البيضاء و تجدر الإشارة أنه نسبة إلى هذا الشيخ تسمى القهوة في بعض مناطق اليمن اليوم بالقهوة " الشاذلية " .


• و سرعان ما تزايد مع الوقت عدد المنازل في المخا لتتكون في القرن الخامس عشر مدينة مكتملة المرافق و يذاع صيتها في مختلف أرجاء العالم كمدينة يرتبط إسمها بالبن إبتداءً من القرن السادس عشر و يرجع المؤرخون أصل كلمة موكا ( Mocha ) و هو إسم نوع شهير من البن إلى ( مخا ) و هو إسم المدينة و إسم مينائها الذي إنتشر عبره البن إلى العالم و بالرغم من كون هذه التجارة هي سبب نشوء المدينة و إندثارها كمدينة فإن ميناءها كان يصدر العديد من المنتجات بجانب البن كالفضة و البخور و اللبان و الميعة حتى نهاية القرن التاسع عشر .

________________________________________


• و هناك دراسة علمية محكمة تلخصت نتائج البحث الذي أجراه عالم الجغرافيا كينث ماسون عام 1887 - 1976 و عالمة الإقتصاد ماري بالي عام 1850 - 1944 و نشر في العام 1946 م تحت إسم ( غرب الجزيرة العربية و البحر الأحمر ) في أن نبات البن قد إنتقل إلى إثيوبيا من اليمن في فترة سبقت الإسلام و من هذا النبات إستخرج اليمنيون شراب البن الذي نعرفه اليوم بعد تجفيف بذوره و تحميصها ( أنظر الكتاب ص 490 ) و إنتشرت زراعة البن على المدرجات الزراعية المنحوتة في هضبة اليمن كانت قوافل الجمال تستغرق مدة يوم لتجلب البن من المرتفعات إلى سوق مدينة بيت الفقيه الواقعة في منتصف سهل تهامة و في هذا السوق كانت أصناف متنوعة من البن تعرض أمام التجار القادمين من المخا لشراء البن و كان يتم إفراغ شحنات البن الواردة من المزارع في مستودعات خلفية و بعد عقد صفقات البيع مع التجار يتم إرسال شحنات البن من المستودعات إلى المخا عبر قوافل الجمال لتشحن على متن السفن .


• يتميز البن اليمني عن بقية البن في العالم بميزتين أساسيتين الأولى أن زراعة البن تعتمد على المدرجات الزراعية و الثانية أنه يجفف بالشمس الطبيعية .


• خبير البن المكسيكي الذي زار اليمن مؤخراً قال : فراعنة مصر تميزوا ببناء الأهرامات و فراعنة اليمن تميزوا ببناء مدرجات البن و الفرق بينهما أن أبناء فراعنة مصر لم يستفيدوا من أجدادهم بعد موتهم أما أبناء فراعنة اليمن فإنهم يستفيدون من مدرجات البن حتى الآن .

تعتبر الجمهورية اليمنية من أوائل الدول التي زرعت البن و صدرته إلى العالم بدليل أن القهوة يطلق عليه Arabica أو القهوة العربية مصدرها اليمن كما أن أهم و أفخر أنواع القهوة هي ( الموكا ) و هي تحريف من « قهوة المخاء » نسبة إلى الميناء اليمني الشهير ( المخا ) و يعتبر ميناء المخاء الأول الذي إنطلقت منه سفن تجارة و تصدير البن إلى الحبشة إثيوبيا و أوروبا و أمريكا و باقي أنحاء العالم .


• يشتهر البن اليمني بمذاقه الخاص و طعمه الفريد الذي يختلف عن أنواع البن الأخرى التي تزرع و تنتج في بلدان العالم الأخرى .

________________________________________


• أضف إلى ذلك أن أفضل التقارير التي لدينا عن الحبشة و من بينها الأكثر تقديراً هما تقرير الأب اليسوعي البرتغالي تليز و أيضاً تاريخ الحبشة بالذات للسيد لودولف الطريف و الدقيق للغاية حيث لا نجد ذكراً للقهوة بأي شكل من الأشكال .


• و الأصح بأن سكان الحبشة أتوا من بلاد العرب اليمن منذ أقدم الأزمان كما كتب السيد رودولف بأنهم أدخلوا معهم إليها شجرة القهوة و لكن يبدو أن نقلها لم يلق نجاحاً إذ من غير المؤكد أن نجد اليوم شجرة القهوة في الحبشة إلا القليل ما زُرع الآتية من اليمن في الأصل .


• و يذكر عالم النبات الإنجليزي الشهير الدكتور جان راي أن نبته البن القهوة لا تنبت إلا في العربية السعيدة اليمن .


المصدر :

- د . عالم النبات : جان راي في كتابة " تاريخ النباتات العالمي " ، منشورات لندن ، 1686م .


• و هناك رأي آخر توصلت إليه بعثة إستطلاعية تابعة لمنظمة الغذاء العالمية عام 1924م أثناء دراستها لأشجار البن في إثيوبيا حيث نشرت في تقارير البعثة أنه لم يتم العثور على أي أدلة أكيدة تؤكد أن الموطن الأصلي للبن هو في إثيوبيا و رجحت أن يكون قد نُقل إلى إثيوبيا من اليمن نظراً للتشابه الكبير في العوامل الطبيعية المحيطة بأشجار البن في البلدين .

________________________________________


* الخلاصة :


المثبت تاريخياً معرفة العرب بحبوب البن وتجارتها منذ 6000 سنة على الأقل من الآن و هذا آثارياً حيث كما ذكرنا سابقاً عُثر في منطقة أم ّ النار الأثرية في حدود دولة الإمارات العربية المتحدة على أواني فخارية مغلقة و في داخلها حبوب بن ّ سليمة دون تحميص تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد و هي أقدم أثر مكتشف حول العالم لحبوب البن المعدّة للإستهلاك البشري بينما من الثابت في زمننا أن مشروب القهوة حُضّر و شُرب للمرة الأولى في اليمن دون الإمكانية لتحديد عمر واضح لوصفة القهوة و عموماً أقدم وصفة معروفة للقهوة في عالم اليوم هي وصفة قهوة الموكا المعروفة عالمياً بإسم الموكاتشينو قهوة مدينة المخاء الساحلية جنوب اليمن حيث طُبخت حبوب البن لأول مرة بعد تحميصها و طحنها فعرفنا القهوة التي نشربها اليوم و أقدم ذكر لمشروب القهوة في التراث العربي يعود إلى فتاوى حجازية من مكة تحرم مشروب القهوة و شربها خلال القرن الخامس عشر لأن أهل اليمن أهلها أسموها قهوة و كانت القهوة من أسماء الخمر كلمة “ قهوة ” كانت من أسماء الخمر و بالأخص النبيذ لأنه يقهي شاربه عن الطعام أي يُشبعه أو يذهب بشهوته يقول لسان العرب : “ و القَهْوة : الخمر سمّيت بذلك لأنها تُقْهِي شاربها عن الطعام أَي تذهب بشهوته و في التهذيب أَي تُشبِعه يذكر نسّاء : فأَصبَحْنَ قد أَقْهَين عنّي كما أَبَتْ حِياضَ الإِمدَّانِ الهِجانُ القَوامِحُ ” هكذا نال منقوع البن إسم القهوة كناية بأفعال الخمرة أمّا إسم القهوة عالميّاً ( كافيه ) أو ( كوفي ) أو ( كفيه ) فهو تحوير عن اللّفظ العثماني للقهوة “ كهڤه ” بسبب الواو الفارسية التي تحوّلت في اللّغات الأوروپية فاء .

________________________________________

حسني السيباني ،،

نقوش مسندية 


عن الكاتب

رياض الفرح

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية