كيف تفرق التراث اليمني المخطوط في العالم
اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية  اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية

كيف تفرق التراث اليمني المخطوط في العالم


المخطوطات اليمنية


يمتلك اليمن ثروه معرفية هائلة في شتى العلوم منذ أقدم العصور و في العصر الحديث تفرق التراث اليمني واستقر في مكتبات العالم وظفر بنوادره الأفراد والخزانات العامه والخاصة في عهود مختلفة في المشرق والمغرب فوصل الكثير منه إلى أوربا على أيدي المستشرقين والتجار ، كما وصل الكثير من نوادره إلى تركيا في أعقاب الاحتلال العثماني لليمن . ووصل إلى الهند مع كتب الدعوة الإسماعيلية التي خرج بها أصحابها إلى هنالك بعد انقضاء هذه الدعوة من اليمن في أواسط القرن السادس الهجري . كما كون كثير من الأفراد خزانات ضخمة حصلوها نتيجة زياراتهم اليمن وانتشار باعة الكتب المخطوطة قديماً وحديثاً نشط بعض الناس في تهريب الآثار اليمنية بمختلف انواعها ومنها المخطوطات، وفيما يلي أهم الأقطار التي استقر فيها هذا التراث الضخم حتى أواخر السبعينات
أولا ـ في أوربا

أهم الأقطار الأوربية التي بها مجموعات يمنية هي إيطاليا وألمانيا . ولإيطاليا صلات قديمة باليمن . فكان البنادقة ينقلون بضائع اليمن بعد وصولها إلى سواحل البحر المتوسط إلى أوربا ، قبل اكتشاف البرتغال لطريق رأس الرجاء الصالح سنة 1498م ، وكان عدد كبير من المستكشفين قد زاروا اليمن وترجموا الكثير من الآثار اليمنية ، و لاحظو المخطوطات النادرة ، ولكنها لم تخرج في أعداد ضخمة إلى إيطاليا إلا في أوائل القرن العشرين، فقد بلغت مجموعة مكتبة الامبروزيانا بميلانو حتى عام 1975 م حوالي 1900 مخطوطة في شتى العلوم وتعد هذه المجموعة من أضخم المجموعات للمخطوطات اليمنية في أوروبا.
أما ألمانيا فقد أوفدت الكثير من الرحالة والمستكشفين إلى اليمن ، ولاحظوا أيضاً ما تحتويه خزائنه من المخطوطات الإسلامية العربية . ومن أشهر المستكشفين الألمان الذين رحلوا إلى اليمن أدوارد جزر Glaser الذي قام بأربع رحلات إلى اليمن ، جمع خلالها مائتين وخمسين مخطوطاً من مؤلفات الزيدية ، وضعت جميعها في مكتبة برلين ، وقد قام الأستاذ آلواردن Allwegardt بوضع رسالة خاصة عن الكتب اليمنية الموجودة في ألمانيا طبعت سنة ۱۸۸۷ في برلين ) . ثم أضيفت إلى محتويات مكتبة برلين وظهرت في الفهرس العام للمكتبة . وفي المكتبة العامة بفينا نحو مائة وخمسين مخطوطاً يمنياً وتحتفظ المكتبة الأولية بباريس بعدد وافر من المخطوطات اليمنية التي ترجع إلى العصر العثماني  هذا بالإضافة إلى ما تحتفظ به مكتبات المتحف البريطاني وكامبردج ، والاتحاد السوفيتي ، وليدن ، وجامعة بابل بالولايات المتحدة الأمريكية
ثانياً ـ في تركيا

وقعت اليمن تحت الحكم العثماني فترة طويلة ، وكان العثمانيون حريصين على تكوين المكتبات والحصول على المجموعات النادرة ، فجمعوا من مصر والشام واليمن الكثير من المخطوطات التي كانت نواة لجميع مكتبات تركيا . والمجموعات اليمنية في تركيا مفرقة في مكتباتها المختلفة مثل : آيا صوفيا وكوبريلي وأسعد أفندي وأحمد الثالث ، والسليمانية . .  . ولكن أكبر هذه المجموعات هي الموجودة في مكتبه على أميري بإسطنبول . وقد كان صاحبها على أميري مجرداً طول حياته ، فابتاع بكل ما رزق به من مال كتبا . وكان دفتر داراً الأتراك في اليمن ، فبلغت الكتب التي ابتاعها من اليمن نحو ألف مجلد ، فيها كثير من تواريخ اليمن
ثالثاً - في الهند

بعد القضاء على الإسماعيلية في اليمن ، في أواسط القرن السادس الهجري ، لم تأمن مصنفاتهم الباقية من البطش . في سنة 902 هجري أمر السلطان عامر بن عبد الوهاب الطاهري بتقييد رئيس الإسماعيلية سليمان بن حسن بمدينة تعز وأودعه دار الأدب ، وكان كبير علماء الإسماعيلية ، وأمر بإحضار كتبه وإتلافها . فأتلف بعضها ) ، ومن بينها مؤلفات إسماعيلية كثيرة منها مؤلفات عماد الدين إدريس بن الحسن بن عبد الله بن علي بن محمد بن هاشم المكرى المتوفي في 19 ذي القعدة سنه 872 هجري ) . وكان الإسماعيلية قد فروا بمصنفاتهم إلى الهند . كما نقلوا الكثير من الوثائق الفاطمية خاصة إلى مقاطعة كجرات الهندية حيث توجد طائفة كبيرة من أتباع الدعوة الإسماعيلية . وفي مطلع القرن الرابع عشر الهجري كانت هناك محاولات أسفرت عن نقل كثير من التراث اليمني إلى الهند ، فقد كان السيد حسين بن محسن بن محمد بن مهدي الخزرجي  من الذين عظمت منزلتهم عند ملك بهوبال الهندية محمد بن صديق بن حسن القنوجي البخاري وصحبة فترة بعد أن تولي القضاء ببندر اللحية ، في اليمن فترة . فكان الواسطة بين ملك بهويال وأهل اليمن من العلماء الأعلام ، بالمكاتبه وإرسال كتب السيد محمد صديق إليهم ، كتفسيره فتح البيان ، وأبجد العلوم وغيرها . فكان الخزرجي يجلب له الكتب النفيسة من اليمن ويشتريها له بأبلغ ثمن
رابعاً - متفرقات

وقد انتهز كثير ممن عملوا في اليمن فرصة وجودهم في هذا البلد العريق ، وبناء على معلوماتهم عما تضمنها مكتباته من تراث خالد ، في الحصول على بعض مخطوطاته النادرة . فابتاع الشيخ أحمد رجب الحلبي مجلداً عندما كان في صنعاء بوظيفة مفتي لواء سنه 1325 هجري يحتوي على : كتاب  قرة العيون في أخبار اليمن الميمون لابن الديبع الشيباني ، و كتاب الذخيرة وكشف التوقيع لأهل البصيرة في تأويل الأحلام في الليالي والأيام : وهو كتاب في تعبير الرؤيا يظن أنه للمؤلف السابق ، ونشر المحاسن اليمانية في خصائص اليمن ونسب القحطانية . كما ابتاع عدة مخطوطات أخرى أحضرها إلى حلب . وكان السيد محمود كامل باشا العينتابي الحلبي ) ، مستشار نظارة الحربية العثمانية في عهد ناظرها أنور باشا قد استنسخ نسخة من كتاب  اللطائف السنية » للكبسي كتبت بعناية في 352 صفحة سنه 1324 هجري ، كما ابتاع نسخة من كتاب روح الروح  لعيسى بن لطف الله في جزئين كتبا سنة 1101 هجري ،
وممن حصلوا على مجموعة كبيرة من المخطوطات اليمنية السيد محمد بن عبدالرحمن العبيكان وكان سفيراً للسعودية في اليمن ثم السودان عام 1958 م، وكان يوجد لدى السيد محمد حيدر التهامي اليماني الذي كان يعيش في بلده ابي عريش بالمخلاف السليماني مكتبة عامرة بالمخطوطات اليمنية في شتى العلوم تم احراقها عند احتلال الجيش السعودي لهذه المنطقة في الحرب التي دارت بين الإمام يحيى و عبدالعزيز ال سعود،
وهكذا تفرق هذا التراث اليمني الكبير فوصل بعضه إلى المكتبات العالميه ووصل بعضه الاخر إلى الافراد، اما القسم الأكبر من المخطوطات اليمنية النفيسة فما يزال حبيس المكتبات اليمنية والبيوتات الخاصة والتي يقدر اعدادها بعشرات الآلاف من المخطوطات النادرة ،ومما يؤسف له ان هنالك عصابات تعمل على تهريب وبيع الآثار اليمنية كالتماثيل والنقوش المسندية والمسكوكات النقدية وكذلك المخطوطات غير مبالين بأهمية هذا الموروث الحضاري لليمن واليمنيين.
كتبه : رياض الفرح مارس 2020
المصدر : كتاب مصادر تاريخ اليمن في العصر الاسلامي لأيمن فؤاد سيد عن المعهد العالي الفرنسي للآثار الشرقيه بالقاهره 1974م

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية