قواعد الصرف والإعراب في خط المسند
اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية  اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية

قواعد الصرف والإعراب في خط المسند


خط المسند القلم الاول للغة العربية

قواعد الصرف والإعراب في نقوش الخط المسند 


خط المسند الذي نشأ في جنوب الجزيرة العربية(اليمن)  هو القلم الاول للغة العربية وهو المخزون النقي للمفردات اللغوية وتصريفها نظراً لأقدميته المطلقة . حيث أن اهم تلك الخصائص هي الحاق حرف الميم في آخر الأسماء وهو عبارة عن مصطلح كتابي رمزي يهدف إلى تأمين وترتيب قراءت نصوص المسند حسب قواعد الصرف والإعراب

 إذ أن التعرف على قواعد ومصطلحات خط المسند لاتقتصر على كيفية قراءة نصوص المسند وحسب . بل هناك دلائل كبرى في واحدية الهوية اللغوية للمساند العرباء واللغة الفصحى وأن نصوص المسند هي اللغة الأم والمعلم الأول للغة العربية وكنزها الثمين الذي لا يُقدر بثمن لما تحتوية من حقائق لغوية وصرفية مذهلة تنتظرها اللغة الفصحى لتصحيح الكثير من المفاهيم اللغوية .


تلك هي اللغة العرباء بنصوصهاالمسندية الموثوقة والعريقة التي جاءت من قلب  حضارة عظيمة أبدعت في تنظيم وترسيخ القواعد اللغوية التي توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل وقد أورد لسان اليمن ...الهمداني في القرن الثالث الهجري في كتابه الصفة ص (249) بحثاً تحت (عنوان لغات اهل الجزيرة) أوضح فيه نسبة تباين الفصاحة بين سكان الجزيرة العربية حيث كانت متفاوته من مكان إلى آخر بين الفصيحة والقريبة من الفصاحة والمتوسطةُ الفصاحة وغير ذلك لكن وصفهِ لأهل صنعاء في هذا الجانب يعتبر الأهم على الإطلاق حيث أنه لم يذكر هذا الوصف في أي مكان آخر بقوله .... صنعاء في اهلها بقايا من العربية المحضة وهنا ليست الأهمية في وصفهم دون غيرهم بمحضية الكلام بقدر مايهمنا مضمون العبارة في التأكيد أن تلك الالفاظ المحضة المتأصلة ماهي إلا بقايا من اللغة العربية المحضة التي كانت متكاملة الأركان اللغوية والحقيقة الدامغة في توارث اصول اللغة من أولئك العرب الأقحاح السبئيين الذين أعطوا الجانب اللغوي أولوية قصوى تزامناً مع النهضة الحضارية الشاملة . يظهر ذلك من خلال نقوش المسند القائم على نظام التصريف اللغوي واسع المدى ، والعبقرية الفنية والإبداعية في رسم الحروف . وتخصيص حرف الميم ليكون اللاعب الأساسي في الصرف والإعراب بحيث لا يتجاوز المعايير والقواعد اللغوية الثابتة إذ يُعتبر إلحاق حرف الميم في أخر الأسماء المادة المحركة لظاهرة التصريف اللغوي .

التصريف اللغوي والإعراب في نقوش المسند 

وكما هو معروف أن اللغة العربية بنيت على ظاهرة التصريف اللغوي للفظة الواحدة اي أن اللفظة الواحدة تتشعب وتتنوع الى عدة معاني وصيغ إشتقاقية تخدم استقلالية الاسماء بحيث يصبح كل اسم مستقل بذاته حسب عوامل الحركة والتي تعتبر المحور المنظم لتحريك الاسماء لغرض التصريف اللغوي إلا أن العرب الأوائل لم يثبتوا تلك العوامل الإشتقاقية في كتابتهم ونصوصهم مثلما التخاطب الشفهي المنطوق . يتجلى ذلك في نقوش خط المسند فهو يقوم على نظام إسقاط تلك العوامل التي تحرك الاسماء لكنهم في المقابل أبدلوها بنظام رمزي يقوم بتنظيم المفردات وصقلها لغوياً . اقتصر ذلك على اتخاذ حرف الميم علامة للأسماء المتحركة صرف وإعراب معاً ففي الصرف يلحق الأسماء المشتقة لتمييزها من غير المشتقة . وفي الإعراب يلحق الأسماء المنصرفة من غير المنصرفة . ومن اهم وظائف الحاق حرف الميم في آخر الاسماء هي التمييز بين الأسماء والأفعال لأن حرف الميم لا يأتي ملحوقاً في أخر الأفعال مطلقاً لأنها تكتب بعوامل حركتها ... لكن هذا لايعني عدم إسقاط الحرف اللين عندما يأتي في وسط الكلمة فهو لا يكتب غالباً ومن دون أي علامة
لذلك فقد اجتهد علماء الصرف السبئيين في تخصيص حرف الميم كعلامة رمزية لحركة الاسماء كي ينوب عن حركة المتحرك بحيث يكتب ولا ينطق وأكتفوا بتلك العلامة الرمزية للقيام بمهام التصريف اللغوي لثقتهم في فصاحة المجتمع المحلي ونقاوة لغتهم ومحدودية تشعب المفردات في ذلك الزمان . وكان إختيار هذه العلامة إختياراً تكتيكي ولغوي بالغ الأهمية . وخصوصاً تحديد وإختيار حرف الميم بالذات من دون بقية الحروف الاخرى لما له من أهمية إستثنائية في السيطرة والتحكم على مخارج الصوت وقد ذكر ابن منظور في "لسان العرب" قائلاً (حرف الميم من الحروف المجهورة)
أما الخليل بن احمد فقد كان( يسمي حرف الميم مُطبقة ) لأنه يطبق الكلام إذا لفظ به .
 وهنا نستطيع القول أن العرب الأوائل قد اسسوا لذلك من خلال توظيف حرف الميم للقيام بتلك المهمام فهو يأتي علامة لنهاية الكلام وخاصة في مجال الإعراب فهو يلحق آخر العبارة للدلالة على الصمت للإطباق بالشفتين حسب مخرخ الميم الصوتي وخصوصاً في حالة المضاف والمضاف إليه ، فهو يلحق المضاف إليه دون المضاف . وتأتي هذهِ العلامة ضمن نظام متكامل بحيث لا تخرج عن القواعد الاساسية للغة الفصحى من حيث الصرف او الإعراب فقد قسموا الصرف الى قسمين مشتق وغير ومشتق والإعراب الى منصرف وغير منصرف واتخذوا من حرف الميم العلامة الوحيدة لحركة المتحرك فيهما اي المشتق والمنصرف ونجد انهما قد يجتمعان في علامة واحدة وذلك عندما يكون الاسم مشتقاً وفي نفس الوقت متمكناً من التنوين إعراباً فهو علامة للحالتين . هذا ما أكدهُ المؤرخ واللغوي محمد علي الحجري في كتابة لغة الضاد من واقع نقوش المسند وهذا مجهود عظيم وغير عادي لم يسبقه أحد في هذا الجانب .

 امثله على استخدام حرف الميم في الصرف والإعراب في نقوش المسند 

المثال الاول
ي و م / ش ي م و / ي د ع إ ل / ب ع ل ي / ك ت ل م /
أي يوم ولاّه أميرهُ على كِتال فالأسم كِتال اسم مشتق صفة مشبهة على وزن فِعَال يلحق الميم وللإعراب تنوين لمحله مضافاً اليه.
مثال ثاني
-------
و ي أ س ي ن ن / ب و س ط / ه ج ر ن /  ش ب و ت / ا ر ب ع ت / أ أ ل ف م / أ س د م
أي ويجعلون بوسط مدينة شبوة اربعة آلاف جندياً فالأسم أسد صفة ماخوذاً من غيره يلحلق الميم وللإعراب تنوين نصب في محل تميز يلحقه
مثال ثالث
-------
ذت / ن ع م ت / و ت ن ع م ن / ل س خ م ن/ و ب ن ي / ح  م ل م
أي ذات النعمة والتنعيم لسخمان وبني حَمــِل فالأسم حَمــِل اسم مشتق على وزن فَرِحٍ يلحقه الميم وللإعراب تنوين كسر لمحله مضاف إليه
مثال رابع
-------
 أ ق و ل / ش ع ب ن / ب ك ل م
أي أقيال شعب بكيل فالأسم بكيل إسم مشتق وزنه صفة مشبهة يلحقه الميم صرفاً وللإعراب تنوين كسر لمحله مضافاً اليه
وقد ينفرد كلٌ منهما في حالة مجيئ إحدهما دون الآخر ففي حالة الصرف دون الإعراب كما في الآتي

مثال خامس
-------
 ب ي و م / خ م س م / ذ/ ف ق ح ى
أي بيوم خامس الفقاح فالأسم خ م س م لحقه الميم لقراءته اسم مشتق فقط ووزن فاعل
مثال سادس
-------
م ر أ ي ه م و / س ع د ش م س م / و ب ن ه و / م ر ث د م / ي ه ح م د /
أي اميره سعد الشامس ومرثد يحمد فالأسم مرثد لحقه الميم لحالة صرفية لقراءتهُ اسم مشتق وزن إسم فاعل
وفي حالة الإعراب دون الصرف كما في الآتي
مثال سابع
-------
 و ل س ع د ه م و / ا ل م ق ه / ن ع م ت م / و م ن ج ت / ص د ق م
أي وليسعدهم ألمقه نعمة ومنجات صدق لحق الميم نعمة وصدق ففي نعمة لمحله مفعول تنوين نصب وهو إسم جامد وصدق لحقه الميم لمحله مضاف إليه تنوين كسر وهو جامد اما منجت فهو مشتق ولم يلحقه الميم لمحله مضاف متبوع ،
 وعند هذا الحد تتوقف مهمة حرف الميم كعلامة رمزية معنية بالجوانب الصرفية والإعرابية إذ أن التفريق بين مشتق ومشتق آخر ليس له علامة ويأتي معرفة التفريق بينهما من خلال فهم السياق وكذلك المرفوع والمنصوب والمجرور في مجال الإعراب ليس له علامة ايضاً ويكون التفريق بينهما على ذمة السياق.
بقلم القيل / علي ناصر صوال

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية