زهير بن قيس البلوي امير افريقية وقاهر كسيله
اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية  اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية

زهير بن قيس البلوي امير افريقية وقاهر كسيله


قاهر كسيله، يمانيون في موكب الرسول


من هو زهير بن قيس البلوي قاهر كسيله 

من أعلام الولاه الفاتحين المجاهدين هو الصحابي اليماني زهیر بن قیس البلوي الذي جمع ما أنزل الله من القرآن على رسول الله  قبل أن يصلي مروان بن الحكم صلاة الجمعة ذكر له أبن يونس قصة مع عبد العزيز بن مروان قال فيها أنه قال لعبد العزيز وهو أمير على مصر وقد ندبه إلى برقة فخاطبه بشيء ، فأجابه زهير : أتقول لرجل جمع ما أنزل الله على نبيه قبل أن يُجمع أبوك- أي قبل أن يصلي مروان بن الحكم صلاة الجمعة ،
ينتمي زهیر بن قيس إلى قبيلة بلي التي كانت منطقتها الأصلية باليمن في محافظة مأرب وصعدة مع خولان وبهراء أبناء عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير ،
قال المثلم بن قرط البلوي
ألم تر أن الحي كانوا بغبطة
بمارب إذ كانوا يحلونها معا
بلي ، وبهراء ، وخولان ، إخوة
لعمرو بن حاف فرع من قد تفرعا
وكانت بلي قبيلة حميرية كبيرة انتشرت عشائرها ما بين منطقتها في اليمن إلى شمال ساحل المدينة وخليج العقبة في إطار النشاط التجاري والسيطرة على الطرق التجارية وحمايتها في العصر الحميري والجاهلية
وقد بادر العشرات ثم المئات من أفراد وعشائر قبيلة بلي إلى الانضواء في موكب رسول الله واعتناق الإسلام وكانوا من مشاهير الصحابة ،  و منهم کعب بن عجرة ، وخديج بن سلامة ، وسهل بن رائع ، وأبو بردة بن نیار و عبد الله بن طارق البلوي ، والمجذر بن زياد البلوي ، والنعمان بن عمر البلوي وأبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة البلوي وعبد الله بن عامر البلوي ، وسواد بن غزية بن وهب البلوي ، ويوم سار رسول الله لفتح مكة في رمضان كان في موكبه عشرات الصحابة من قبيلة بلي الحميرية وكان زهیر بن قيس البلوي قد جمع ما أنزل الله على نبيه من الذكر الحكيم
وقد كان لقبيلة بلي اليمانية مساهمه في فتح مصر  وممن شهد الفتح من بلي الصحابيان مسعود بن أوس البلوي وجبارة بن زاررة البلوي ، فقد شهدا فتح مصر وأختطا بالفسطاط مع زهير بن قيس وعشائر قبيلة بلي ، ولم تكن بلي كثيرة العدد في بداية الفتح - عام 20 ه . ثم لحقت بهم سائر عشائر قبيلة بلي الكبيرة وانتقلت القبيلة بأكملها إلى مصر  ربما في خلافة عثمان - لأن فتح مصر لم يتم في عام واحد بل على مراحل امتدت إلى أواخر خلافة عثمان ، وكان الاستقرار في أرجاء مصر وتأسيس عصرها العربي الإسلامي سكانياً وثقافياً ودينياً هو المجال الذي كان لقبيلة بلي إسهامها الوافر فيه ، فقد كانت لبلي خطة بالفسطاط كبيرة في الحمراوات الثلاث ، ونزلت طوائف من بلي المنطقة الواقعة بين الفسطاط وميناء عيذاب شرقي أسوان وكانوا يتربعون في منف وطرابية ، وذكر المقريزي منازل بلي في سوهاج شمالا إلى غرب قمولة جنوبا ، كما انتشرت بلي في قناء وجرجا القليوبية والشرقية من الديار المصرية  وأجازت فرقة من بلي إلى برقة - في ليبيا - واستقرت بها في فتح أفريقية بقيادة معاوية بن حديج السكوني وفترة ولاية عقبة بن عامر الجهني وإمارة رويفع بن ثابت الأنصاري لبرقة وطرابلس ولما توفي رويفع بن ثابت في برقة وهو أمير عليها لمسلمة بن مخلد عام 56 هجرية أصبح زهیر بن قیس البلوي بمثابة الأمير النائب لمسلمة بن مخلد في برقة بينما كان المهاجر دينار أمير لأفريقية في إطار ولاية مسلمة بن مخلد الأنصاري لمصر وبلاد المغرب إلى أن توفي مسلمة بن مخلد عام 63 هجرية.* * *

 تمرد کسيلة ومقتل عقبة في موقعة تهودا

 ( ذي الحجة 62 ه )
  بعد وفاة مسلمة بن مخلد قام يزيد بن معاوية بتولية وإعادة عقبة بن نافع أميرا على أفريقية بدلا عن أبي المهاجر نائب مسلمة بن مخلد على أفريقية ،قال ابن خلدون : أرجع يزيد بن معاوية عقبة بن نافع على أفريقيه سنة ثنتين وستين ، فدخل أفريقيه ، وقد نشأت الردة في البربر ، فزحف إليهم وجعل على مقدمته زهیر بن قيس البلوي . . وحبس عقبة أبا المهاجر فلم يزل في اعتقاله . . فسار عقبة وفتح وغنم وسبي وأثخن في البربر وانتهى إلى السوس ، وقفل راجعاً . . . وأثناء ذلك كان موقف گسيلة ملك البربر قد تغير منذ عودة عقبة أميراً على أفريقية بسبب موقف عقبة عن البربر واحتقاره إياهم وقيامه بغزوهم بتهمة الردة، وكان كسيلة أعظم ملوك قبائل البرير لأن البربر ترجع قبائلهم إلى فرعين فرع البرانس وفرع البتر ، وتندرج أغلب قبائل البربر في فرع البرانس ، نسبة إلى برنس بن سفجو بن أيزج بن جناح بن واليل / بن شراط بن تام بن دویم بن دام / بن أمازيغ بن کنعان ) وهم قبائل الأمازيغ بن کنعان ، ويذهب نسابة البرير إلى أن قبيلتي كتامة و صنهاجة من فرع البرانس ، بينما الصحيح أنهم من حمير أوطنهم الملك أفريقيس بن ذي المنار ملك سبأ مع قبائل أمازيغ بن کنعان في بلاد المغرب في الزمن القديم ، وكان كسيلة ملك كل تلك القبائل البربرية الأمازيغية والحميرية بتونس والجزائر والمغرب الأقصى ، فلما أستخف به عقبة بن نافع وعامله بالاحتقار وأخذ في غزو وسبي البربر ومعاملتهم بالعنف والاحتقار ، أضمر کسيلة الغدر، قام کسيلة بمكاتبة البربر بالتجمع إلى ( تهودا )  فقاتلوهم ، فقتل عقبة بن نافع  و ثلثمائة من الصحابة والتابعين استشهدوا كلهم ، وأسر في تلك الوقعة محمد بن أوس الأنصاري في نفر ، فخلصهم صاحب قفصة - وهو من البربر - وبعث بهم إلى القيروان ، وكان زهیر بن قيس البلوي قد تمكن من الانسحاب ببقية الجيش إلى القيروان ، وقيل كان عقبة قد استخلفه على القيروان فرابط زهير بالقيروان بعد موقعة تهودا حيث أدت سياسة الاستخفاف بالبربر واحتقار ملكهم کسيلة إلى تمردهم وردتهم وإلى مقتل عقبة وكثير من المسلمين و خسارة المسلمين لكل المكاسب التي تحققت منذ فتح افريقيه . وذلك أن كسيلة لم يكتف بما فعل في موقعة تهودا وإنما تقدم إلى القيروان عام 63 هجرية . قال ابن خلدون بعد ذكر مقتل عقبة، رجع زهير ابن قیس البلوي إلى القيروان ، وعزم على القتال ، وخالفه حنش بن عبد الله الصنعاني وارتحل إلى مصر واتبعه الناس ، فاضطر زهير إلى الخروج معهم ، وانتهى إلى برقة فأقام بها مرابطاً، وأما كسيلة فاجتمع إليه جميع أهل أفريقية ( البربر ) وقصد أفريقية ( تونس والقيروان ) وبها أصحاب الأنفال و الذراري من 
المسلمين فطلبوا الأمان من گسيلة ، فأمنهم.

ولاية زهیر علی افريقيه وهزيمه كسيله

لقد کان زهیر بن قيس البلوي أميرا على برقة وطرابلس ( ليبيا ) منذ عهد مسلمة بن مخلد أمير مصر وبلاد المغرب ، ولما تولى الخلافة عبدالملك بن مروان أرسل إليه الجيوش بالمدد من مصر والشام وولاه حرب كسيله امير البربر، وكان من قادة الجيش والمدد المبعوث من الشام ومصر حسان بن النعمان وسفيان بن وهب الخولاني  فانطق زهیر بن قیس بالجيش من برقة وطرابلس إلى تونس والقيروان - أفريقية - سنة 69 هجرية فبلغ خبره إلى کسيلة ، فاحتفل وجمع وحشد البربر والروم وأحضر أشراف أصحابه ، وقال : قد رأيت أن أرحل إلى ممش فانزلها ، فإن بالقيروان خلقاً كثيرا من المسلمين ولهم علينا عهد فلا نغدر بهم ، ونخاف إن قاتلنا زهير أن يثب هؤلاء من ورائنا ، فإذا نزلنا ممش أمناهم وقاتلنا زهير ، فإن ظفرنا بهم تبعناهم إلى طرابلس وقطعنا أثرهم من أفريقية ، وإن ظفروا بنا تعلقنا بالجبال ونجونا ، فأجابوه إلى ذلك ، ورحل إلى ممش . وبلغ ذلك زهير ، فلم يدخل القيروان بل أقام ظاهرها ثلاثة أيام حتي راح واستراح - وربما كان ذلك خشية أن يدخل القيروان فيحاصره کسيلة ، فبعث فرقة دخلت القيروان واستقصي خبر العدو - ثم سار زهير من ظاهر القيروان في طلب كسيلة ، فلما قاربه ، نزل وعبى أصحابه - ( في ممش ) - وركب إليه ، فالتقى العسكران ، واشتد القتال ، وكثر القتل في الفريقين حتى أيس الناس من الحياة ، فلم يزالوا كذلك - أكثر النهار - ثم نصر الله المسلمين وانهزم کسيلة وأصحابه ، وقتل هو وجماعة من أعيان أصحابه بممش، وعاد زهير إلى القيروان  وبذلك النصر العظيم الذي حققه زهير في موقعة ممش رفرفت رايات العروبة والإسلام من جديد في القيروان وأفريقية .

عودة زهير من القيروان إلى برقة

مكث زهیر بن قيس في القيروان أميراً على أفريقية فترة من الزمن - منذ عام 67 ه واستب الأمر في أفريقية ( تونس ) إلى تخوم منطقة جبال الأوراس ( الجزائر ) . قال ابن الأثير : إن زهيرا رأى بأفريقيه ملكا عظيما ، فأبى أن يقيم وقال : إنما قدمت للجهاد فأخاف أن أميل إلى الدنيا فأهلك ، وكان عابدأ زاهد ،  فترك بالقيروان عسكرأ ، وهم آمنون لخلو البلاد من عدو أو ذي شوكة ، ورحل في جمع من اصحابه . . ولم تذكر المصادر أسم الأمير الذي أستخلفه زهير بالقيروان ، ويبدو أنه سفیان بن وهب الخولاني ، فقد جاء في ترجمته بالإصابة أنه تولى إمرة أفريقية لعبد العزيز بن مروان .

استشهاد زهير بن قيس في ساحل برقة- ليبيا

  كان قد بلغ الروم بالقسطنطينية مسير زهير من برقة إلى أفريقية ، فاغتنموا خلوها ، فخرجوا إليها في مراكب كثيرة وقوة قوية من جزيرة صقلية وأغاروا على برقة فأصابوا منها سبيا وقتلوا ونهبوا ، ووافق ذلك قدوم زهير من أفريقية [ أو من طرابلس إلى برقه قاصداً مصر ، فأخبر الخبر ، فأمر العسكر بالسرعة والجد في قتالهم ،وباشر القتال ، واشتد الأمر وعظم الخطب ، وتكاثر الروم عليهم ، فاستشهد زهير وأصحابه . وقال ابن خلدون : لما سار زهير إلى مصر أعترضه بسواحل برقة أسطول صاحب قسطنطينية ، جاءوا لقتاله ، فقاتلهم واستشهد رحمه الله تعالى،وقبره هو واصحابه معروف هناك وقبورهم تدعي قبور الشهداء .
يمانيون في موكب الرسول،الجزء الأول
تاليف / محمد حسين الفرح
تقديم/ رياض الفرح
مايو 2020


التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية