الحج في اليمن القديم معبد أوام تالب ريام مكة
اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية  اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية

الحج في اليمن القديم معبد أوام تالب ريام مكة

 

معبد أوام تالب ريام


معبد أوام و تالب ريام والحج في اليمن القديم 



بداية عيد اضحى مبارك، قال تعالى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (آل عمران :97).


ما هو الحجّ ؟


الحجّ لفظ يقصد به الذهاب إلى الأماكن المقدسة في أزمنة معلومة، للقيام بالطقوس التعبدية، مثل تقدم القرابين والنذور للمعبودات( طيران، 2003، 258). والحجّ في اللغة القصد والقدوم وكثرة التردد، فيقال حج المكان أي زاره، وحج بنو فلان فلانا أي أكثروا التردد عليه وقيل حج البيت أنهم يأتونه كل سنة(باخشوين،2010، 184).


الحج في النقوش اليمنية القديمة 


 ويأتي اللفظ ( حجّ ) في النقوش اليمنية القديمة بصيغة اسمية ( ح ج ) أي: ( حج، زيارة، احتفال)، ويأتي اللفظ بالمعنى نفسه في الموروث العربي، كما وردت في النقش (CIH 547) بصيغة جمع ( ح ج و )، وفي النقوش (CIH 528,529,530) جاء اللفظ ( ح ج ن (. وجاء في النقش (RES 3546): ب ع ل ت/ ح ج ت، أي: بعلت الحجّ (باخشوين،2010، 186). كما جاء اللفظ ( ح ض ر ) في النقوش (Ja 651، CIH 79)، للدلالة على الحجّ، حيت يذكر( القدرة وصدقة ) أنها تأتي بعدة صيغ منها ( ح ض ر، هـ ح ض ر ) كصيغتين فعليتن بمعنى: أدى حجا، أو زيارة، احتفل بعيد، أقام عيداً لإله(صدقة والقدرة، 2004،ج31،ع1، 234). كذلك اللفظ ( هـ وف ر) يأتي ايضا في النقوش للدلالة على الحجّ كما في نقش جام ( Ja669 /14 -15) وجاءت بصيغة فعل متعدي (هـ وف ر ) أي: أدى حجا، احتفل بعيد، وبصيغة اسمية( م وف ر ت ) أي: حج.

لقد كان موسم الحجّ للإله السبأي ( إلمقه ) في شهر ( ذي ابهي ) في معبد ( أوام )، ويعد المعبد الرسمي لمملكة سبأ، ولم تقتصر زيارة الحجّ على المعابد الرسمية بل خصصت أماكن بعيدة عن العمران لتستوعب عددا أكبر من الحجّيح ومنها المزار السبأي في منطقة جبل ( اللوذ )، إلا أن اشهر المعابد التي كان يحج إليها ولها صفة ( المِحَج ) معبد جبل ( إتوه ) المرتبط بالمعبود ( تألب ريام )، حيث كان من اهم محجات اليمنيين بعد معبد ( اوام ) تقريبا، وكان معبد ( تالب ريام ) مهيئ لاستقبال الحجّاج في موسم الحجّ. ومن أشهر المعابد التي كان يحج إليها في مملكة ( حضرموت ) معبد ( ذي أليم ) للمعبود ( سين ) الواقع في مدينة ( شبوة ) عاصمة ( حضرموت )، كما نعتقد أن معبد ( مكة ) من المعابد القديمة والمشهورة التي يحج اليها قبل الإسلام، ولعل ما ذكر ( ابى كرب اسعد ) ملك سبأ وذي ريدان دليل واضح على ذلك، والمعروف في المصادر الاخبارية أنه أول من كساء الكعبة.

وهنا يأتي السؤال الذي يتطلب إجابة واقعية يستوعبها العقل والمنطق، هل كان اختيار الأماكن المقدسة للحج في اليمن القديم بدواعي هادفة مثل تهيئتها لكافة الناس ومراعاةً لظروفهم الاقتصادية والبدنية وتوفير لهم مشقّة وعنا السفر لو كانت بعيدة، وحتى يكون الحج ميسورا لعامة الناس ولكافة شرائح المجتمع السبأي ذلك الوقت؟ أم كان اختيار تلك المواقع عشوائيا؟ هل هنالك احتمالية باختيار المسلك السهل والأقرب للحجاج، حتى لا يكون هنالك أي عذر بعدم أداء الحجّ، ومن أجل تكون واسعة للجميع، وأن ذلك الاختيار من منطلق المسؤولية باستشعارهم مثلا لظاهرة التزاحم وما تخلفه الاندفاعات؟ وحتى لا يكون الحجّ محصورا بفئات اجتماعية محددة مثل كبار الشخصيات أو الأغنياء من دون الفقراء؟ وكيف للإسلام أن يأتي بفرض الحج في مكان محصور بمكة فقط؟


اقرأ عن شهر ذي الحجة في الحضارة اليمنية



ليس لنا هنا مجال لمناقشة ذلك بالتفصيل ولكن ربما يمكنا الإجابة بنعم .. كان لهم معرفة بكافة الإيجابيات والسلبيات التي مكنتهم في اختيار الأماكن المقدسة لأدى شعائر الحج، ولعل عدد من النقوش تؤكد ذلك منها على سبيل المثال النقش السبأي الذي يتضمن تشريع صارم ضد من يأتي للحج وهو مصاب بمرض معدي كالجذام مثلا وغير ذلك. من ناحية أخرى كشفت الدراسات العلمية ان أسباب اختيار بعض اماكن المعابد في اليمن القديم. حتى تكون سهلة الوصول من جميع المتعبدين وفي أي وقت، وقد وضعت الأماكن المقدسة في مواقع متوسطة بينها بحيث يمكن الوصول إليها بسهولة، وكان يراعى في اختيار مواقع المعابد خارج المدن من أجل يكون قريبا ومتوسطا من حيث المسافة بين القبائل ومشاعا لكل المتعبدين ( العريقي: منير، 2002، 172).


الحج في اليمن القديم 


وخلاصة ما سبق أن الحج في اليمن القديم كان متعدد الأماكن منذ ديانة (إبراهيم عليه السلام) يسير بشكل مستقيم تقريبا، والذي يبدو أن التشريعات الدينية التي بلغ بها ( إبراهيم عليه السلام) والمعمول بها في اليمن القديم من عهدة حتى المرحلة ( السبأية ) المبكرة تقريبا، ربما حدث فيها فيما بعد تغيرات وانحرافات دينية منذ القرن العاشر قبل الميلاد تقريبا، تلك التغيرات الدينية حدثتنا عنها الكثير من النقوش اليمنية القديمة وكانت البداية بصفات المعبود وتعدد مسمياته، وفيما بعد وصل بهم الحال إلى أن يكون لكل قبيلة اسم إله خاص يختلف عن اسم إله أي قبيلة أخرى، لا شك أن ذلك الاختلاف والتعدد الديني أوجدتها الاختلافات السياسية التي يبدو أنها كانت سبب جديد لوجود تعدد الحياة الدينية بما في ذلك طقوس الحج، ومع مرور الزمن يبدو أن انحراف ديني أكثر وضوحا قد حدث في اليمن القديم وعلى الأرجح في العهد الميلادي، الذي كان له دورا مهم ساهم بشكل رئيس في تفرقة الجماعة واصبح لكل قوم شأنهم الديني والمختلف تمام عن الأقوام الأخرى، لذلك جاء الإسلام بمعجزة العودة من جديد للديانة الصحيحة وبهدف لم الشمل في كلمة واحدة، ايضا جاء الإسلام لترسيخ اسم الإله الواحد بديانة توحيدية بما في ذلك الحج إلى مكة، حتى يكون الهدف عودة الجميع إلى إله واحد ودين واحد وماكن للحج واحد، ولم شمل الجميع من تفرقة مزقتهم وشتتهم الحروب الدينة قبل الإسلام، لذلك كانت إرادة الله سبحانه وتعالى في ذلك معجزة التوحيد، والله اعلم. ولنا مناقشة ذلك أكثر فيما بعد.

مع خالص تحياتنا للجميع

وعيد اضحى مبارك..

كتبه الدكتور أنور_الحاير

منقول من صفحة آثار اليمن ونقوشها المسنديه 

8/7/2022



التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية