معاوية بن حديج السكوني فاتح أفريقية
اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية  اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية

معاوية بن حديج السكوني فاتح أفريقية


فاتح أفريقية وثالث الولاة اليمنيين لمصر

  معاوية بن حديج السكوني 

 هو الزعيم اليماني الصحابي أبو نعيم معاوية بن حديج السكوني الذي قاد جيشا من أعيان الصحابة وفرسان الإسلام من مصر إلى أفريقية ( تونس ) في خلافة عثمان بن عفان ، كان من بينهم الصحابي أبو زمعة البلوي القضاعي الحميري الذي يسجل شاهد قبره في تونس أنه دخل أفريقية في جيش معاوية بن خديج في خلافة عثمان بن عفان ومعه جماعة من أعيان الصحابة منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير .
وكانت قبيلة السكون تسكن في حضرموت وتنتشر بعض عشائر السكون إلى مدينة الجند  ، وكان معاوية بن حديج سيد عشيرة تجيب السكونية وزعيم قبيلة السكون - بحضرموت - ومما يدلي على علو مكانته ما جاء في الإصابة بأن كبشة بنت معدي كرب عمة الأشعث بن قیس ، هي والدة معاوية بن خديج الصحابي المعروف.
صحبة معاوية بن حديج لرسول الله صل الله عليه وسلم وقد أسلم معاوية بن حديج باليمن مع قبيلة السكون لما بعث رسول الله معاذ بن جبل الأنصاري إلى اليمن ، ثم وفد إلى رسول الله و هو بالمدينة المنورة فصحب رسول الله فترة من الزمن وعاد إلى اليمن مع والدته كبشة بنت معدې کرب عمة الأشعث بن قيس الكندي . وثمة رواية ثار بسببها جدل حول صحبة معاوية بن حديج السكوني وذهب البعض إلى أنه من التابعين . والواقع إنه من الصحابة وقد تواترت الدلائل على ذلك، أما وفادته إلى رسول الله  وصحبته إياه ، فكانت في السنة التاسعة أو العاشرة للهجرة، ثم مكث معاوية بن حديج في اليمن إلى أن أستنفر أبا بكر الصديق أهل اليمن للجهاد وفتح الشام في أواخر عام 12 هجرية .

معاوية بن حديج في فتوح الشام والعراق

انطلق معاوية بن حديج السكوني إلى ميادين الجهاد والفتوحات - في مطلع عام 13 ه - على رأس فرسان تجيب والسكون الذين اجتمعوا تحت لوائه من منطقة الجند وحضرموت ، وكان معه أربعمائة فارس من السكون سوی الرجال والنساء والأولاد فكان
معاوية بن حديج من الصحابة القادة في موقعة اليرموك وفتح دمشق واحداً من قادة الكراديس ،  ثم كان معاوية بن حديج من قادة اليمانية الذين انطلقوا من دمشق والشام إلى القادسية والعراق لما أستنفر عمر بن الخطاب الناس للمسير إلى القادسية بمددة للجيش العربي الإسلامي بالقادسية في مواجهة الجيوش الفارسية ، فوصل معاوية بن حديج من الشام إلى عمر بن الخطاب في المدينة المنورة على رأس فرسان السكون ، بينما وصل آنذاك من اليمن نحو أربعمائة من قبيلة السكون - التي كانت بحضرموت - وكان وصولها مع الحصين بن ثمير السكوني و اشتركوا في فتح فارس بفرقة كبيرة و استقر بعظهم في الكوفه بينما انضم جزء منها بعد ذلك إلى جيش عمرو بن العاص الذي سار لفتح مصر

السكون بزعامة ابن حديج . . في مصر

كانت تجيب والسكون إحدى الوحدات الكبرى في الجيش الإسلامي الذي فتح مصر ، وقد شاركت تجيب في الاستيلاء على حصن بابليون  وكان فتح حصن بابليون هو الفتح الرئيسي الأول لمصر . ثم كان الفتح الرئيسي الثاني في مصر هو فتح الإسكندرية ، وكان معاوية بن حديج  من قادة ذلك الفتح ، وقد كانت من الكتائب الرئيسية في فتح الإسكندرية : - الفرقة المهرية بقيادة تميم بن فرع المغربي القضاعي الحميري ، وكان عدد الفرقة المهرية فيما رواه المؤرخون ألفان وتسعمائة مجاهد ، وامتازت تلك الفرقة في القتال ، فكان تميم بن فرع المهري هو أول من اقتحم سور الإسكندرية الحصين بفرقته كما كان العبادة بن الصامت الأنصاري وقيس بن سعد بن عبادة دور رئيسي في فتح الإسكندرية ، وقد اختار عمرو بن العاص أبرز قادة الفتح للسير إلى الخليفة عمر بن الخطاب في المدينة بنبأ وغنائم ذلك الفتح والنصر وكان ذلك القائد هو معاوية بن حديج،
ثم عاد معاوية بن حديج من المدينه إلى مصر ، وشارك في اختطاط مدينة الفسطاط ( عام 21 هج ) حيث استقرت بالفسطاط فرقة كبيرة من عشائر تجيب والسكون ، وكان منهم قيسبه بن كلثوم الشجيبي السكوني الذي شارك في الفتح مع عدد كبير من أهله وخيله ، واختط بجوار الحصن ، ثم تنازل عن مكان خطته ليبني المسلمون فيه المسجد الجامع الذي عرف بمسجد عمرو بن العاص في الفسطاط ،  وكان معاوية بن حديج من قادة فتح مناطق البحيرة والدقهلية والصعيد ، ، وبسبب الدور الذي كان لقبيلة السكون بقيادته في فتح تلك المناطق وفي نشر التعريب والإسلام فيها استوطنت و استقرت عشائر كبيرة من السكون - خاصة من تجيب السكونية - في منطقتين رئيسيتين : الأولى منطقة ( تمي ، وپسطة ووسيم - وتمي هي تمي الأمديد ، مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية حاليا - والمنطقة الثانية مع مراد في كورة ( البدقون : وتقع في محافظة البحيرة حاليا . وتشمل جعيف ومركز إيتاي البارود ومركز شبراخيت ) ، وربما يعود اختلاط تجيب السكونية مع مراد المذحجية إلى كون مذحج أخوال السكون وبالذات تجيب  ، وفي خلافة عثمان وولاية عبد الله بن أبي السرح لمصر  ، تم بقيادة عقبة بن عامر الجهني ومعاوية بن حديج السكوني فتح أغلب بلاد النوبة الممتدة إلى النيل الأزرق في السودان ، وكذلك إلى بعض مناطق أريتريا والحبشة ، وذلك منذ ولاية ابن أبي السرح وخلافة عثمان ثم في ولاية عقبة بن عامر لمصر كما سلف التبيين إن الدور القيادي لمعاوية بن حديج السكونې منذ بداية فتح مصر قد اقترن بارتفاع مكانته في الرئاسة والزعامه إلى أعلى المراتب بحيث أصبح زعيما ألفه اليمانيين بمصر والذين يمثلون الغالبية العظمى في الجيش العربي الإسلامي الذي فتح مصر .

فتح معاوية بن حديج لبلاد إفريقية

المقصود بافريقيه في المصادر العربيه واليونانيه بلاد المغرب العربي تونس وليبيا والجزائر والمغرب وقد كانت المحاوله الأولى لفتحها بين عامي 27-29 للهجره أثناء خلافة عثمان بن عفان وولايه عبدالله بن ابي السرح لمصر الذي كان قائد للجيش ومعه معاوية بن حديج وانتهت تلك المحاوله بمصالحه البطريك الروماني في طرابلس للمسلمين والتزامه بدفع جزيه سنويه فرجع الجيش الإسلامي إلى مصر ،ولما علم هرقل بذلك قام بعزل بطريك طرابلس وعين مكانه بطريك آخر رافضاً اي مصالحه مع المسلمين، ولما استقرت أوضاع الدولة الإسلامية بعد الفتنه الكبرى وصار الامر إلى معاوية بن أبي سفيان بعد على بن أبى طالب توجه معاوية بن حديج من الشام على رأس جيش إلى برقه سنه 44 للهجره فامتلكها بعد قتال شديد وانظم اليه عقبة بن عامر من مصر ثم ساروا إلى طرابلس فهزموا الروم وتوجه عقبة بن عامر إلى بقيه عشائر لواته ومراته البربرية إلى جهات تونس فاطاعوه بعد قتال واستتب الامر وتم توليه رويفع بن ثابت الأنصاري أميراً على برقه وطرابلس ونواحيها اي ليبيا حالياً وتمركزت وتوطنت فيها قبائل الحيش العربي الإسلامي وخاصة من قبيلة بلي وجهينه اليمانية، ثم سار معاويه بن حديج بالجيش إلى قوينه- تونس ودارت معركه كبيره مع الروم في منطقة بين قوينه وسبيطله وكان النصر حليف الجيش الإسلامي فارسل هرقل الروم امدادات عسكرية وسفن حربيه ولكنها انهزمت وفتح معاويه بن حديج جلولاء وقصر الأحمر وخضعت كل المناطق للسيطره الإسلامية وجلاء الروم من افريقيه،
ومن الوقائع الهامه المتصله بفتح معاوية بن حديج لافريقه اختطاطه لمدينة القيروان وقد نسبت الروايات الشائعة ذلك إلى عقبة بن نافع الفهري والصحيح ان اول من اختط القيروان هو معاويه بن حديج فلما تولى عقبة بن نافع افريقيه قام ببعض التعديلات ومن مآثره في تونس ان له آبار في القيروان تعرف بآبار حديج وهي خارج باب تونس

ولايه معاوية بن حديج  لمصر وافريقيه

بعد فتح افريقيه تولى معاويه مصر وافريقيه سنه 47 للهجره بعد عقبه بن عامر وأثناء ولايته قام بعده غزوات بحريه إلى جزيره رودس اليونانيه وجزيرة صقليه الإيطالية وفي سنه 50 للهجره قام معاوية بن أبي سفيان بفصل ولايه افريقيه عن مصر وولى عليها عقبة بن نافع واقتصرت ولايه ابن حديج على مصر حتى اواخر عام 50 حتى تولى مصر نائبه مسلمه بن مخلد الأنصاري وتم إعفاء بن حديج من منصبه ولكن ذلك لم يؤثر على مكانته الاجتماعية والقياديه بل استمر مساندا لابن مخلد وزعيما لليمانيه مطاع الكلمه في مصر وله مكانته في الشام.

الموقف التاريخي لمعاوية بن حديج

في عام 57 للهجرة ولى معاوية بن أبي سفيان ابن اخته عبدالرحمن بن عبدالله على الكوفه ولكنه أساء السيره في اهل الكوفه وشرب الخمر فأخرجوه من بينهم طريدا فرجع إلى خاله معاوية فقال له لاولينك مصر هي خير لك، فارسله لتولي مصر بدلاً عن مسلمه بن مخلد فلما سار إلى مصر تلقاه معاويه بن حديج قبل وصوله فقال له إرجع إلى خالك معاويه فلعمري لا ندعك تدخل مصر فتسير فيها سيرتك في إخواننا اهل الكوفه فرجع عن مصر بكلمه واحده من الصحابي والزعيم معاويه بن حديج فتجسد في ذلك عظمه أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم
وبعد هذا الموقف قدم معاويه بن حديج إلى دمشق زائراً لمعاويه بن ابي سفيان وكان إذا قدم زينت له الطريق بالرياحين تعظيما لشأنه ،فلما دخل عليه كانت عنده اخته ام عبدالرحمن ولقبها ام الحكم فقالت من هذا يا امير المؤمنين فقال بخ بخ هذا معاوية بن حديج فقالت لا حيا الله ولا قرب أنت الفاعل في إبني ما فعلت فقال لها ابن حديج على رسلك يا ام الحكم اما والله قد تزوجت فما استكرمت وولدت فما انجبت أأردت ان يلي إبنك الفاسق علينا فيسير كما سار في إخواننا اهل الكوفه فما كان الله ليريه ذلك ولو فعل ذلك لضربناه ضرباً يطأطأ منه رأسه و إن كره هذا القاعد يعني خاله معاويه فالتفت إليها معاويه وقال كفي فكفت، ثم تباحث معه حول ولايه مصر واطمأن على استمرار مسلمه بن مخلد والياً على مصر، وقد توفي معاويه بن حديج السكوني بمصر عام 62 للهجره بعد عمر حافل بالامجاد والفتوحات ودفن بجبل المقطم بالقاهرة ومن ذريته هناك كان عبدالرحمن بن معاوية تولي قضاء مصر  وعبدالواحد بن عبدالرحمن بن معاوية بن حديج تولى القضاء سنه 90 للهجره وعبدالله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج كان من قاده مصر أواخر العصر الأموي واوائل العصر العباسي وأصبح والياً لمصر في خلافة ابي جعفر المنصور العباسي سنه 152 هجرية حتى وفاته عام 155 للهجره ،تغمدهم الله جميعاً برضوانه ورحمته.
يمانيون في موكب الرسول الجزء الأول
تأليف: محمد حسين الفرح
تقديم: رياض الفرح
مايو 2020


التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

اغارر للمعلومات التاريخية والنقوش المسندية اليمنية