اول ملوك اليمن التبابعة الحارث الرائش

1470 ق. م- 1432 ق. م
هو الملك الحارث الرائش بن الي شدد ملك سبأ من بني الصوار بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن جيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ،وهو اول ملوك اليمن التبابعة باتفاق المؤرخين ، وقد ورد في كتاب وصايا الملوك : إنه قسم بلدان اليمن سهلها وجبالها وأوديتها بين عشائره، وأعانهم على عمارتها، وأخرج لهم فيها المستغلات، فارتاشت العشيرة واستغنى بعضها من بعض عن كثير مما كانوا محتاجين إلى الملك مما في يده، ولارتياشهم معه سموه الرائش، وإلا فاسمه الحارث، وقد سمي تبع لأنه تم توحيد الدولة والبلاد تحت زعامته حيث اجمعت المصادر التاريخية انه لا يسمى تبع من ملوك اليمن إلا اذا تبعته حضرموت والشحر والسلف والصدف واذا تبعه بنو جشم بن عبد شمس

1 - العقيدة الدينية والخط الهيروغليفي
كان يسود اليمن قبل عهد الرائش الاعتقاد بتعدد الالهه و قد تم العثور على عده قطع أثرية مكتوبة بالهيروغليفيه ويذكر فيها عديد من الالهه مشابهه لما كان في مصر في نفس الفتره وقد نشر هذه القطع الهيروغليفية اليمنية العالم الألماني كارل راتجنس وزميله وايسمان عام 1933 م وكذلك قطع نشرها عالم الآثار المصري احمد فخري في كتابه رحله اثريه في اليمن عام 1948م، ثم ظهرت وسادت في اليمن والجزيرة العربية منذ عهد الرائش ديانه موحده هي عباده اله الشمس الواحد ويسمى في النقوش (ايس)

2-نقوش العلاقات بين اليمن ومصر في عهد الحارث الرائش وتحوتمس الثالث
كان قدماء المصريين يسمون اليمن( بلاد بونت-تانتر إيس) ومعنى تانتر إيس = أرض الإله ايس(اله الشمس) وقد استقصى الدكتور ابو العيون بركات الآثار والنقوش المصريه عن العلاقات مع اليمن وهي
1- رسم من أوائل عهد تحتومس في معبد آمون بمدينه طيبه يسجل تقديمه بخوراً مجلوب من اليمن إلى معبد الإله آمون
2- نقش مؤرخ بالسنه العاشرة من حكم تحتومس انه ارسل بعثه الى اليمن جلبت البخور والراتنج لمعبد الإله آمون
3- يسجل نقش للوزير رخميرع وزير تحتومس وصول وفد كبير من اليمن يقول فيه تم الوصول بسلام لعظماء بلاد بونت - تانتر إيس واحضرو هدايا للملك تحتومس
4- تسجل النقوش والرسوم دخول عباده إله الشمس إلى مصر
5- نقش من عهد امنحوتب ملك مصر - 1405—1367 ق. م في موقع سرابيط الخادم بسيناء يسجل وصول واستقبال وفد من عظماء اليمن

3- نبأ فتوحات الحارث الرائش لبابل واشور وفارس وبلاد الحثيين (الترك) والمشارق

كان الوضع السياسي في المنطقة آنذاك يتمثل بقيام مملكة الحيثيين « الاتراك»  بغزو سورية انطلاقاً من ارمينية والاناضول وقضوا على المملكة الامورية العربية  وغيرها من الممالك الآمورية  العربية ومد الحيثيون سيادتهم ونفوذهم الى اشور كما ساندوا قيام دولة من جهة بلاد فارس بغزو بلاد بابل عام 1594 ق. م والقضاء على مملكة بابل التي كانت تحكم بلاد الرافدين  وكان حمورابي أشهر ملوكها وبذلك الغزو التركي الفارسي انتهت حضارة وممالك الاّموريين الساميين في بلاد الرافدين وسورية وثغورهما واصبحت تلك البلدان خاضعة للاحتلال الفارسي في بلاد بابل وما اليها واحتلال ونفوذ الحيثيين الترك وامبراطوريتهم القوية التي امتدت من آرمينية «القوقاز» الى سوريا واّشور، الأمر الذي أدى الى انقطاع علاقات ومصالح اليمن التجارية مع تلك البلدان الى ان اشرق عهد الحارث الرائش في اليمن والجزيرة العربية حيث قام بالتخطيط والتجهيز لفتح اقليم بابل وآشور وسورية والقضاء على مملكة الحيثيين ودولة الفرس وتوطين قبائل يمانية سامية في تلك البلدان ومايليها وتكوين عالم تجاري كبير،
قال نشوان الحميري في قصيدته عن الملوك التبابعة والحارث الملك المسمى رائشاً
إذا راش من قحطان كل جناح
وحباهم بغنائم الفرس التي
فاضت على الجندي والفلاح
وقالت كتب التاريخ ان الرائش سار في جيوش كبيرة كثيفة من اليمن الى بابل ومنها ارسل جيشاً بمعية شمر ذي الجناح الى بلاد « الرى » فحارب الفرس وهزم ملكهم بلاد بابل والموصل (اشور ) وتلك الجهات ، وأوطن قوة وقبائل من قومه.
وقد اورد كتاب « الأمم السامية » تفصيلاً هاماً لطبيعة وكيفية هجرة هؤلاء القوم إذ قال انهم أغاروا على بلاد بابل ثم بلاد آشور جميعها وكانوا في اعداد ضخمة وقوية، ثم تدفقوا من اّشور الى سوريا، وظلوا في طريقهم يغزون ويفتحون حتى بلغوا جبال ارمينية» ويقول الكتاب ان ذلك يرجع الى قيام دولة كبرى جنوب الجزيرة العربية كما ناقش الكتاب أصل تسميتهم «آراميين» انه قد يكون نسبة الى «مدينة إرم ذات العماد» المذكورة في القرآن الكريم وكتب التاريخ العربية.
ان هذه الفتوحات لم تكن مجرد هجرة وإنما كان اجتياحاً وفتحاً تم فيه القضاء على المملكة الفارسية في بلاد بابل الى فارس، كما تم تحرير اّشور من احتلال ونفوذ الحيثيين «الترك»  يقول نشوان الحميري:
والترك كانت قد اذلت فارساً
لم يستروا من شرهم بوجاح
فشكوا اليه فزادهم بمناقب
فيها صراح ينثمي لصراح
تركوا سبايا الترك فيما بينهم
للبيع تعرض في يد الصياح
ويتبين من ذلك ومن خلال معطيات الدراسات والشواهد والنقوش لذلك الزمن..ان آشور كانت مركز الحشد والانطلاق الى سوريا وبلاد الحيثيين تدفقوا من اشور الى سوريا وظلوا في طريقهم يغزون ويفتحون حتى بلغوا جبال اّرمينية وان ماذكرته الدراسات كما ورد في كتاب تاريخ الشرق الأدنى القديم عن انسحاب الحيثيين المفاجئ من بلاد النهرين، وبالتالي من سوريا عام 1435ق.م لم يكن انسحاباً طوعياً او مفاجئاً بل نتيجة ذلك الفتح. الذي شمل آشور وسوريا وامتد الى بلاد الحيثيين في آرمينية وأذربيجان«القوقاز» وبلاد الاناضول.
وتقول نصوص الحيثيين في كتاب تاريخ الشرق الأدنى مايلي:
في الايام الخوالي كانت البلاد الحيثية تغزوالبلاد التي خارج حدودها ثم جاء العديد من سكا= سبأ وغزا البلاد الحيثية وإتخذ نيناسا حدوداً له»
وتقول ألواح «آشور» ثلاثة ملوك عظماء حكموا بلاد الرافدين وسوريا وأرجَاء واسعة في ذلك العصر اولهم الملك الرائش «اريشم ملك سبأ ارتو » ثم ابنه الذي يظهر في منحوتات آشور مرتدياً ثوباً «ذاالجناح»  ثم بعدهما ملكاً يذكره الدكتور طه باقر في كتاب الموجز  بلقب ولفظ «ذوالقرنين» وقد اعتبرهم الدارسون ملوك آشور، والأصوب ان ملوكيتهم العليا شملت آشور ولكنهم في الأصل ملوك سبأ التبابعة الأوائل ابتداءً بالحارث الرائش أول التبابعة ثم ابنه شمر ذو الجناح

4-  نبأ وفاه الحارث الرائش
ورد في كتاب السيره الجامعه وكتاب الاكليل ان الحارث الرائش رجع من الموصل إلى الشام ثم إلى بيت الله الحرام ثم رجع إلى قصر غمدان فلما استقر فيه وادركه الموت ، اقبل على ولده يوصيه فقال له: إن أباك خولك الملك، فاقره في محتد أنت واسطة الناس فيه، وأولاهم به. فاجعل العدل ناصراً واتخذ الإحسان لك نجده واصطنع العشيره ليومٍ ما..
وكانت وفاته حوالي سنة 1432 ق. م بالقرن الخامس عشر قبل الميلاد.
تقديم:رياض الفرح
المراجع
1- الجديد في تاريخ وحضارة سبأ وحمير محمد حسين الفرح
2- تاريخ حضارة الرافدين د. طه باقر
3- تاريخ الشرق الأدنى د. ابو المحسن عصفور
4- الامم السامية حامد عبدالقادر
5- بونت بين المصادر المصرية واليمنيه القديمه د. ابو العيون بركات