معلومات عن مذهب المطرفية الزيدية في اليمن
من هم المطرفية
المطرفية تيار زيدي تعرض للإبادة بشكل ممنهج خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين في اليمن، إذ اعتُبر من قبل خصومه، فرقة مارقة ومرتدة وكافرة، ثم على يد الإمام المتطرف عبدالله بن حمزة تم إرهابها واجتثاثها بسبب آرائها المختلفة. وتنسب المطرفية إلى مطرف الشهابي، من أعلام تلك الفترة، ومن آرائهم أن الله أوجد العناصر الأربعة: الماء، والنار، والهواء، والتراب، في حين جاءت المخلوقات بعد ذلك نتيجة تفاعل هذه العناصر مع بعضها البعض. ويجمع الباحثون على أن نشوء البدايات الأولى للمطرفية سببه الرئيس أن اليمن كانت تخضع لسيطرة الدولة الصليحية التي سمحت بقدر كبير من الحرية الدينية والمذهبية في اليمن.
على أن إجازة الإمامة في غير آل البيت، هو ما أغاظ خصوم المطرفية بشكل خاص، ما جعلهم يصنَّفون كغُرماء أساسيين للإماميين. في الواقع، تتكئ الإمامة الزيدية على احتكار العرفان ووراثة الحكم وفقاً لشرف النسب الهاشمي. والشاهد ان المطرفية يتبعون الإمام الهادي في آرائه واجتهاداته، لكنهم وقفوا ضد حصر الإمامة في سلالة بعينها.
اين تأسست الدولة الزيدية
تذكيراً.. تأسست الدولة الزيدية في طبرستان لكنها انهارت سريعاً، وهروباً من المدينة وبطش العباسيين. وفرّ إلى طبرستان يحيى بن الحسين الهاشمي العلوي الحسني، ثم حين فشلت دعوته لإحياء الدولة الزيدية هناك عاد الى المدينة مرة أخرى، وسريعاً ما سنحت له فرصة تاريخية لا تتكرر في نقل المذهب إلى اليمن. توجه إلى صعدة، حيث رحبت به قبائل يمنية، فيما رفضته قبائل عديدة بالمقابل. لكنه استطاع تأسيس دولة زيدية في اليمن العام 284 للهجرة، بمساندة أولئك الذين جلبهم معه من طبرستان، واتخذ من صعدة حاضنة روحية لدولته، وخاض يحيى معارك ضارية ضد خصومه تعزيزاً لسلطة آل البيت. وكان أول من اختلف بشكل مباشر مع المطرفية، ومذاك استمرت الحروب سجالاً، فتارة يجتاح الأئمة مناطق شاسعة في اليمن، وتارة ينحسرون.وأتى الإمام عبد الله بن حمزة، الذي أطلق على نفسه لقب "المنصور بالله" وعرف بالتعصب الشديد لنظرية حصر الإمامة في البطنين، على عكس المطرفية الذين قالوا بان الإمامة تصلح في عموم الناس، ولم ينظروا إلى الحكم كحق سماوي اصطفائي، بمعنى أن هذا المنصب يصلح له كل مسلم ولا يختص به قوم ولا يحصر في سلالة أو أسرة.
ويتفق الباحثون على أن عبد الله بن حمزة هو من أباد فرقة المطرفية، إذ قام بملاحقة أعلامها أينما كانوا، وفي أي منطقة حلوا، فضلاً عن انه أتلف تراثهم العلمي وهدم مساجدهم، وصادر ممتلكاتهم، وسبى نساءهم وأطفالهم. الجدير ذكره ان فكر وارث المطرفية انتشر في مناطق همدان، عمران، ارحب، ذمار، آنس، صنعاء، وحجة، تحديداً "قلب اليمن شمالاً".
حتى الآن ما زالت قضية الاضطهاد الذي تعرضت له فرقة المطرفيين قيد الهمس واللامكاشفة الصريحة. يزداد الأمر إشكالا بسبب أن معظم المشتغلين في التاريخ أحجموا عن الإضاءة على المطرفيين، ربما لحساسية الموضوع أو لندرة المصادر. ومن أبرز الذين تجرأوا على طرح القضية، الباحث علي محمد زيد، تبعه الدكتور عبد الغني عبد العاطي، ولا ننسى إثارة المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير للقضية. ويقول زيد الوزير: "من المستحيل تجاهل فكر ضخم كفكر المطرفية، وحدث جسيم كإبادتهم". ويضيف: "ان الإمام عبدالله بن حمزة أباد المطرفية بالسيف بعدما عجز عن التغلب عليهم بالقلم، ولعمري أن الاحتكام إلى السيف هي حجة المفلس".
ومحنة المطرفية بمثابة العار في تاريخ الزيدية داخل اليمن. في حين يرى خصوم المطرفية أن ابادتهم قول فيه مبالغة. والحاصل أن غلاة الموافقين لفكر عبد الله بن حمزة التشددي الدموي، يرونه على حق في ما أقدم عليه ضد المطرفيين، ثم أن غالبية المناوئين للمطرفية هم من الذين يحصرون الإِمامة في أحد أبناء البطنين. والمنقول عن عبد الله بن حمزة هو انه نعتهم بالفرقة الملعونة، وزعم انهم يقولون أن النبوة فعل النبي. على ان مثل هذا ا لتشويه التحريضي في مجتمع مغلق كاليمن هو ما سهّل دحضهم واستئصالهم من الناحية المعرفية.
يعتبر الباحث علي محمد زيد في كتاب "كتاب تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري" أن المطرفية أخطر وأهم انشقاق فكري وعقيدي في مدرسة الاعتزال اليمنية. إنها حركة فكرية ذات جذور تنويرية دأبت على نشر الفكر الزيدي في أوساط القبائل والمزارعين، وعدّت ذلك رسالتها في الحياة. فقد نشرت التعليم في أوساط شعبية لم تكن تاريخياً من الأُسر والبيوت التي تهتم بالتحصيل العلمي. وكان رجالها، كما يشير المؤلف، في الغاية من الاجتهاد في الدرس، والمثابرة في طلب المعرفة، وفي العبادة والزهد ومجاهدة النفس.
كانت منطلقات المطرفية وطنية يمنية، ولم يؤمنوا بالعنف، كما لم يخوضوا غمار الصراع السياسي الحربي، بل عمدوا إِلى أسلوب الدعوة ونشر التعليم حتى بين الفلاحين والجهلة. لكنهم تعرضوا إِلى أسوأ عملية قتل وقوبلوا بتنكيل واضطهاد شديدين. وكانت المطرفية ذات اجتهادات مستنيرة علمياً وفقهياً أبرزها عدم اشتراط النسب في الإمامة، وهو ما قاله قبل مطرف بن شهاب بعقود، نشوان بن سعيد الحميري، أحد أهم أعلام تلك المرحلة والمساهمين في أحداثها الفكرية والسياسية لاحقاً.
والحاصل أن المطرفية تخاصمت مع فقه الغلبة الموروثة سياسياً. أما علمياً، فلها اجتهادات مبكرة ورائدة. ويرى علي محمد زيد أن أهم أفكار المطرفية قد أكدها العلم الحديث وأصبحت من المسلمات البديهية، مثل القول بأن الأمطار ليست سوى أبخرة البحار والأنهار تحملها الرياح، والقول إن البَرَد قطرات ماء تجمدت في الهواء. كما يرى أن المسؤولية التاريخية والأخلاقية تقع على عاتق أولئك الذين أبادوا المطرفية أو يوشكون أن يعيدوا انتاج ذلك التراث الدامي. ومن آرائهم، في وسط يستشري بالجهل والتخلف كاليمن وقتذاك، أن الأمراض ناتجة عن مسببات في الوسط المحيط، تصيب بدن الإنسان فيعتل، وان التداوي بالعلاج ليس سوى التعامل مع تلك الأسباب، وهو ليس رداً لإرادة الله.
ويعتبر الباحث محمد عزان ان "أتباع المطرفية سبقوا عصرهم في فهم أسرار الحياة، واستخدام أساليب التربية والتوجيه، وتعمقوا في النظر في القرآن حتى خرجوا بمفاهيم لم يستوعبها معاصروهم فشككوا في عقولهم واتهموهم في دينهم". وأما في الجانب السياسي "فإنهم يرون أن المقامات سواء كانت الدينية أم الاجتماعية والسياسية، تأتي باستحقاق نتيجة العمل، وليست بالتعيين الإلهي". كذلك، يؤكد الباحث عبد الباري طاهر أن التطور بلغ ذروته في تيار المطرفية التي، لولا قمعها بضراوة ووحشية، لمثّلت إضافة جد عميقة إلى التفكير الإسلامي في العصور الوسطي. وبرأيه أيضاً فان محنة المطرفية هي محنة الإبادة الجماعية لفرقة بكاملها لم تشهر السلاح، محنة الفكر والتفكير في كل زمان ومكان بين من يعتمد العلم والمعرفة كقيمة أساسية للشرف والفضل ومن يستل سيوف العصبية والقبائلية وخناجرها، ويستنجد بعصور الغابة ووحشيتها ليأتي عل الحرث والنسل، ويسكت الحياة، ويقضي على لغة العقل والحوار والتفتح والتسامح.
ويرى الباحث علي محمد زيد أن إنصاف المطرفية لا يكون إلا بالإقلاع عن إعادة إنتاج ذلك التراث الاستبدادي من خلال ذبح كل مطرفية مماثلة أو محتملة، في الحاضر والمستقبل، والإقلاع عن إغلاق باب الحوار والتعايش الضروري بين فئات المجتمع.
والمطرفية قطرة شبه منسية من بحر ما تعرض له الفكر الحر والثقافة غير الاستلابية في اليمن. صفحة من الصراع الفكرى فى اليمن بين الزيدية والمطرفية. والمفارقة المرعبة –كما يقول طاهر- أن اضطهاد فرقة بكاملها وتشريدها وإبادتها قد مر "بسلام" ولم يجد صدى في التاريخ العربي الإسلامي، لا لشيء إلا لأن الواقعة "الكارثة" قد حدثت في "جزر واق الواق –اليمن" بينما خلّدت مأساة ابن حنبل وهي امتحان لفرد أو أفراد قلائل. وتحول الحلاج إلى رمز للفادي، وخُلّد السهروردي وغيلان خ وابن السكيت. لكن مجزرة المطرفية الشبيهة مرّت، ولم تجد الصدى الكافي في التاريخ العربي. لكأن اليمن جزيرة معزولة عن كل ما حولها.
اضافة
هرب كثير من المطارفة الى القبيطة والصبيحة ومازالوا يتواجدون في وادي ثرى بين القبيطة والصبيحة وفي الأغبرية في القبيطة وفي الغول في الفرشة وقد تحولوا الى المذهب لشافعي
منقول/