يقول عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكنج :
( أعظم عدو للمعرفة ليس الجهل، وإنما وهم المعرفة )
وهم المعرفة هو أحد انحيازات الدماغ البشري فلا أحد يفلت من هذا الوهم مهما بلغ من العلم فكل شخص مصابٍ به ولكن على درجات متفاوتة !!
فما هو وهم المعرفة ؟
لتعريف وهم المعرفة لابد من التعريف والتفريق بينه وبين الجهل، والجهل نوعان جهل بسيط وجهل مركب.
الجهل البسيط هو أن يجهل الإنسان علماً ما ولكنه يعرف بأنه جاهل به ، ولا يخلو انسان في هذا الوجود من هذا الجهل مهما بلغ من العلم لأن حياة الإنسان أقصر من أن يستطيع الإطلاع على كل علم.
أما الجهل المركب فهو جهل الانسان أنه جاهل وعلاج هذا الجهل بالتدريب على اثبات المعادلات الرياضية حتى يصحو دماغه ويتحول جهله من السلبي إلى الإيجابي - أي الجهل البسيط.
وأما وهم المعرفة فينقسم إلى قسمين :
١- اعتقاد الإنسان أنه يعرف أكثر من معرفته الحقيقية
٢- الإشتباه بين الإطلاع والمعرفة
( Familiarity vs Knowledge)
وهذا عادة يكون واضحاً بالنسبة لطلاب المدارس وخصوصا في الرياضيات فيظن الطالب أنه عرف المادة بينما هو فقط فهم الفكرة بشكل عام وعند البدء في حل المسائل تبدو عليه الحيرة ويقع في الأخطاء.
وهم المعرفة أخطر من الجهل المركب لأن الجهل المركب يضر صاحبه ، بينما وهم المعرفة يضر صاحبه ومن هم ضمن دائرته ( مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ )
ولتوضيح المعنى نأخذ هذا المثال ، لو طلبنا من ثلاثة أشخاص ( جاهل بسيط وجاهل مركب ونصف متعلم) أن يقودوا طائرة ، فالجاهل البسيط سوف يعترف مباشرة بعدم مقدرته ، والجاهل المركب قد يحاول ولكن سرعان ما يدرك عدم مقدرته، وأما نصف المتعلم والذي اطلع فقط على كيفية الإقلاع سوف يقلع بالطائرة ولكن لن ينتبه أنه لم يطلع على كيفية الهبوط ولا كيفية التعامل مع تقلبات الأحوال الجوية فتحدث الكارثة !
وهم المعرفة يُصاب به المتعلمين والأخصائيين من أطباء ومهندسين ورياضيين وسياسيين ومحامين وغيرهم ، فقد أثبتت التجارب العديدة في علم النفس هذا الجانب بشكل قاطع ، فالطبيب يعتقد أنه يعلم أكثر مما بالفعل يعلمه ولاعب الشطرنج يقدر مهارته أكثر من المهارة الحقيقية التي يملكها ومدارس الشريعة، من غير الراسخين في العلم، قد يعتقد أنه يفهم في الدين أكثر من الواقع الحقيقي للفهم.
درجات وهم المعرفة متفاوته ويبدأ مع بداية الإنسان في الإطلاع على العلوم ويزداد الوهم كلما زاد اطلاعه إلى أن يبلغ الأمر ذروته ومع مواصلة التعلم يبدأ الفرد الإدراك الحقيقي لقيمة معارفه حتى يصل إلى تقييم متقارب بين معرفته الحقيقية وتقيـيمه لنفسه، ولا يبلغ هذه الدرجة إلاّ الراسخين في العلم ، ومن هنا جاءت الحكمة ( رحم الله امرئ عرف قدر نفسه )
في عصرنا الحالي ساهمت الفضائيات ومواقع التواصل في انتشار وهم المعرفة واعتقد الناس أنهم يعرفون الكثير من العلوم وبمستوى يؤهلهم في الحديث عنها ، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية.
علاج وهم المعرفة يتكون من خطوتين :
١- إدراك وجود وهم المعرفة
٢- البدء في رحلة استكشاف بحر الجهل لدى الفرد نفسه، وبحر الجهل شاق وصعب وليس له شواطئ.